mercredi 15 mai 2013


قـريــة "لــوازي" أو كما تنطق  بالفرنسية LAVOISIER والمسماة حاليـــا " عياضات" نسـبـة الى أول شهيد سقط بالقرية والتي أنحدر منها وكلي اعتزازبذلك  تقع  بمنطقة " تيويرة" بولاية برج بوعريريج.
هي قرية صغيرة لكنها متمدنة بها جميع وسائل العيش الرغيد. مبانيها التي أنشأها المعمرون استخلفت بأخرى من الطراز العصري .معظم سكانها يشتغلون بدواليب الادارة عبر مختلف أرجاء الوطن. ولهم صفحة اذا شئتم بالفيسبوك تسمى باسمهم. وقليل منهم فلاحون ومعلمون ومتقاعدون ( بالأورو أو بالدينار). ما يجلب انـتـبـاهـك وانت تحل بهذه القرية الهادئة فضول الناس. فهم يجرون عليك فحص " اسكانار" بمجرد أن تطأ قدماك أرض القرية الى غاية خروجك. متســائلين عن هويتك. سبب قدومك . لمن جئت وأين ستذهب. على امتداد الشارع الرئيسي وعلى رصيفه تراهم يتبادلون المعلومات في لمح البصر.وسرعان ما ينتشـر الخبر ليعم حتى البيوت والمزارع المطلة والتي عاينها الرئيس بوتفليقة يوما ما. ينقل الخبرفي بداية الأمربسيطا في المحتوى ولكن سرعان ما يضخم بآراء وتعليقات ثم يأخذ أبعادا و تأويلات غالبا ما تكون لا أساس لها من الصحة الا ما اخترعت مخيلاتهم الخارقة للعادة. ولعل هذا ما جعل الزوار الغرباء يتخوفون عند اقترابهم من "الرادارات" البشرية المنتصبة خفية وعلنية من الصباح الى الليل.ونادرا ما يـنـجـــو زائر من عملية المسح . خاصة اذا كان المسمى (س. ط) يقف متكئا على عصاه  وعنقه مشرئبة يتلهف شوقا كلما رن هاتف أو دوى محرك سيارة قادمة في الأفق. تراه قابعا بجوار بيته  أو ساندا ظهره الى جدار حانوت المدعو ( ق.ز) لا تخفى عنه حركة ولا يغادر صغيرة أو كبيرة الا وسجلها تلقائيا لتتحرك بعد ذلك وكالة  الأنباء المحلية. هذا الشخص زار فرنسا وصادف أن رأى يوم الأحد الفرنسيين يدخلون الواحد تلو الآخر قاعة فسيحة فدفعه فضوله الى معرفة السبب. فدخل معهم حيث وجد العباد جالسين على كراسي طويلة فجلس وأعطاه الراهب  كتيبا فأمسك به . وفجأة انطلق المسيحيون في تأدية واجبهم الديني وما كان من صاحبنا الا تقليدهم  دون علم ولا دراية بما بقولون. يصيح معهم كالجدي حين يغنون ويكف حين يصمتون. وهكذا قضى نصف اليوم في طقوس لا ناقة له فيها ولا جمل الا وجع الرأس .  وكان بالقرية  ( عمي محمد المسعود) شيخ  يحمل على كاهله دون تكليف من أحد أرشيف قرون مضت من القصائد والقصص الشعبية . يقصده الجميع للأستمتـــاع و للاستماع الى حكاياته الطويلة الغريبة. ولا يخلو مجال سمعك تـتـحــدث فيه الا وجاءك بقـصة أو نكتة في نفس الموضوع. في يوم من الأيام كان يسرد على مسمع الحاضرين قصصا وكانت بالقرب منه عجوز طاعنة في السن. فكان كلما انهى قصة قالت  (هذه عايشتها  وربما قالت أعرفها) . ولما أقلقته تعقيباتها قال مخاطبا اياها – سأروي قصة لا تعرفين لها  طريقا لأنك باختصار لم تولدي قبلها ولا بعدها.
وقد خلف الشيخ نفر من الشباب اشتهروا بدورهم بالفكاهة وبخفة الظل.
أما في المجال السياسي فحدث ولا حرج فمن الشاب الى الكهل والى الشيخ الكل هنا على دراية بفقه  السياسة ما لا يفقهه السياسيون أنفسهم. التحاليل المتنوعة حول مختلف الميادين محلية وطنية شئـت أم دولية. التطرق الى مواضيع الساعة لا تخلو من الحيوية والمنافسة كأنك باستديو قناة ما. وسرعان ما يحتد النقاش ليبلغ ذروته فتتعالى الأصوات وتـتـشــابك في فوضى عارمة  الكل يغني ليلاه وكل طرف يريد أن يكون رأيه على صواب. وغالبا ما ينتهي الحوار بالتشابك بالأيدي أو بالعصي واللكمات الموجعة. يحل وقت العشاء فيفترق الجمعان ليعودا الى حلبة الصراع وقد امتلأت البطون  مما يزيدهم حدة وصلابة في التنافس. وينتصف الليل وعلى أمل اللقاء مجددا بما جادت به  القنوات من أخبار يرحل الجميع  غير مكترثين بالوقت ولا بالطقس.
وأنــــــــــــــا بدوري أودعكم ومعي في المرة القادمة كلام كثير عن قريتي الجميلة......


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire