وحـــان
يــوم الرحيـــل.أو اليوم المشؤوم كما أطلقت عليه مريم . داخل كيس من الأكياس التي تستعمل عادة لجمع القمح وحفظ الدقيق
وضعت مريم غطاءها المنسوج من الصوف . بعض الأواني وقليلا من الدقيق.ورتبت باقي المتاع
كالمطحنة اليدوية الحجرية والمهراس الخشبي وبعض وسائل الطبخ في صندوق خشبي . أمام
باب البيت المهجور وقفت فاطمة وابنها صابرلتوديع
المغادرين. لم يكن الفراق سهلا. فما أن عانقت فاطمة والديها حتى علا النواح
وتهاطلت الدموع . عجل عمار صاحب العربة بالمضي في سيره الى الأمام فساط السائق
الحمار وتحركت العربة محدثة رجة اهتز لها كل من بالعربة . والقت مريم ببصـــرها
الى الخلــف . الى حيث يقف صابر وأمه والى الكوخ والى الأرض الطيبة التي منحتها كل
شبابها لتغادرها في الأخير مهزومة . بعد أن فعلت بها الأقدار ما فعلت منذ سن الجنون الى سن الشيخوخة. وهاهي اليوم
تـتـوجه نحو المجهول صحبة رفيق العمر يهومان على وجه الأرض دون اتجـــاه وبلا عنـــــوان.لم
تستطع مريم تغيير اتجاه بصرها المشدود دائما نحو ابنتها وحفيدها واسنمرت تمد البصرخلفها
بعيدا الى أن تحولت القرية الى مجرد نقطة مبهمة وسط الحقول. وأحست مريم بحلقها يجف
وباختناق في الصدر فاتكأت على كتف زوجها .فشعر كلاهما عندئـذ باحساس غريـب ممزوج
باللذة تارة وبالوحدة تارة أخرى.وراح يصغيان في صمت الى وقع حوافر الدابة وهي تضرب
الأرض في مشيها بحركات منتظمة.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire