jeudi 2 mai 2013


ككل صباح  منذ أن استقر بالقرية بالقرب  من صهره عمار. خرج زوج فاطمة وعلى غير العادة لم يعد وقد مالت الشمس الى الغروب . فبعثت فاطمة الى أمها تسأل فما كان من مريم الا اخبار عمار الذي كان يهم بدخول البيت. رجع عمار على أعقابه. وفجأة سمع دوي محرك شاحنة فخرجت مريم تستقصي الأمر فلمحت المركبة تقترب من بيتها الى أن توقفت أمام الباب ثم نزل منها رجلان قاما بفتح الباب الخلفي للعربة وأخرجا منها جثة طرحاها أرضا. قال السائق موجها الخطاب لمريم – هل تعرفينه؟ تعالي اقتربي. غير أن رجلي مريم لم يساعفاها وكادت تسقط من وقع الصدمة وحاولت الهرب فلم تقدر.أمسكها الرجل من ذراعها وأعاد السؤال- أليس هذا زوج ابنتك؟ وهنا فقدت مريم وعيها. لما استيقظت كان السكان قد تجمعوا من حولها فأدخلوها البيت وهم يتمتمون كلاما لم تفهم منه المرأة شيئا. ثم حملوا الجثة الى الداخل وغطوها برداء.  وصل الخبر الى عمار فكاد يغمى عنه ولم تساعفه رجلاه في العودة الا بشق الأنفس. وتوالت الأسئلة واختلفت الأجوبة. من الناس من يدعي أن رجال الجندرمى ألقوا القبض عليه متلبسا بسرقة القمح من مزرعة أحد المعمرين فعذبوه حتى الموت.  ومنهم من يقول أن الرجل وجد مقتولا على حافة طريق زراعية. وذهب البعض الى اعتباره شهيدا لأنه رد على افتزاز ابن أحد المعمرين. ولما علم الجندرمى بذلك أرادوا القبض عنه فحاول الهروب وهنا رموه بالرصاص فأردوه قتيلا. وهذا ما اتضح جليا فيما بعد.
وجيء بفاطمة من بيتها القريب وهي على أسوء حال. ظنت بادئ الأمر أن ما تعيشه ليس سوى كابوسا من تلك الكوابيس التي تؤرق لياليها لكن سرعان ما أيقنت حقيقة ماترى. انه زوجها. علا صراخها مدويا تقشعر له الأبدان وارتمت على الأرض تنهش تربتها في حركات أقرب الى الجنون. زوجها العزيز طريح الثرى. ميتا. وأية ميتة. الدم يكسو جسده. ثقب العيارات النارية التي اخترقت صدره بادية للعيان. ياله من منظر رهيب. ووصل الناس من كل حدب وصوب مستفسرين عن ما يمكن تقديمه من مساعدة لجارهم عمار. بعد صلاة الظهر من اليوم الموالي حمل النعش على الأكتاف الى مقبرة"سيدي محمد الشريف"القريبة من القرية بحضور أهل القتيل وجمع من سكان القرى المجاورة  مرددين الله أكبرولا اله الا الله.وعم القرية جو من الخشوع ومن الحزن. وانتاب المودعين ولأول مرة شعور بوجوب الانتقام من الظالم المستبد.وكانت الجريمة التي ارتكبها المحتل الفرنسي في حقذلك  الشاب الجزائري بمثابة بداية مرحلة جديدة من مراحل كفاح سكان هذه القرية . فاذا كانوا من قبل يتصدون بشراسة في وجه الطبيعة القاسية فهم اليوم مطالبون بالوقوف في وجه عدومن نوع آخر سلب منهم حريتهم وهي أغلى وأعظم عندهم من الجوع والعطش. 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire