vendredi 3 mai 2013


  ما أن نثر الخريف أوراقه على الثرى حتى وضعت فاطمة حملها. مولود جميل الطلعة كامل البنية
قالت مريم وهي تمعن النظر في حفيدها وعيناها تلمعان فرحا وقلبها يدق طربا
-         ان مواليد فصل الخريف يتمتعون عادة بصحة جيـدة.
-         فابتسـمـت الأم الصغيرة ثم الـتـفـتـت الى الرضيع النائم بجانبها ومررت في خفة يدها اليمنى على رأسه قائلة
-         يبـدو في صحة جيدة وهادئ.
-         فأردفت الجدة على الفور والبسمة تعلو محياها
-         كيف لا يكون قويا وهو ابن فلاح وأجداده من الريف ؟
-         وسوف يكون من أكبر مزارعي المنطقة. بل ومن أعظم رجال هذا الوطن. أضافت فاطمة في كبرياء.
-         وبينما راحت فاطمة تناغي صغيرها بلطف. سرح بال مريم واستسلمت فجأة للماضي وذكرياته. يوم ميلاد فاطمة. كأن ذلك حدث أمس فقط. هـنـا بهذا البيت تتـجـدد الذكرى وتـتـجــدد الفرحة. كم كانـت مريم سعيدة حـيـنـها وهي ترى صغيرتها تناغي تداعب وتلهو. كانت شحرورة بالمنزل .
-         ذاع خبـر ميلاد الصبي فأقبلت الجارات تهنئن محملات ببعض الحلويات المصنوعة خصيصا لفاطمة. فمازاد ذلك فاطمة الا بهجة وسرورا.
 ما أن بلغ صبر سن السادسة  حتى راح  يطرح  أسئلة غريبة . قال ذات يوم  لأمه التي لم تكن تنتظر منه ذلك اطلاقا – ما معنى يتيما يا أمي؟
وارتبكت فاطمة التي فاجأها السؤال ولم تدري بماذا تجيـب. كان عليها أن تفكروبسرعة .فقالت متسائلة بدورها محاولة ربح الوقت لتتمكن من الرد بما يناسب – لماذا تطرح سؤالا كهذا؟
-         أريد أن أعرف فقط.
-         ان اليتيم من مات أبوه أو أمه أو كلاهما.
-         وأين أبي؟
-         ستراه لما يعود من السفر. انه يعمل ببلاد بعيدة جدا ولا يستطيع القدوم الآن.
-         ولم لا تطلبين منه العودة؟
-         قلت لك سيأتي وكفى. ثم لماذا تشغل نفسك بأسئلة تافهة كهذه. عندما تكبر سوف تعرف كل شيء.
-         ومتى أكبر؟
-         قريبا ان شاء الله. والآن دع عنك هذا وانصرف للعب ولا تبتعد كثيرا .
وهكذا كانت أولى كذبة من مجموعة من الأكاذيب سوف تضطر فاطمة قولها. كل ذلك كي لا تجرح عواطف ابنها الصغير
لما ذهب الولد يجري تحت عيني أمه وابتعد. جلست على الأرض ثم رفعت رأسها الى السماء وهي تردد – سامحني يا ربي..سامحني....
وقصت  على أمها ما بدر من ابنها فقالت مريم – لو كنت مكانك لصارحته بالحقيقة.
-         ولكنه لا يزال صبيا. انه لا يفقه في هذه الأمور. ومع ذلك فلك الحق كان علي أن أجابهه بالحقيقة. لعل الأيام ستنسيه العودة الى طرح مثل هذه الأسئلة.
ومدت مريم يدها في اتجاه ابنتها لكن فاطمة رفضت أن تمسك بها وخرجت مسرعة . لحقت بها مريم بعد قليل فأبصرتها من بعيد تضع رأسها بين يديها وسمعت بكاءها المتعالي. فأصغت مريم لبكاء ابنتها وبكت بدورها لكن في صمت مثلما تعودت أن تبكي منذ سنين طويلة.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire