من واقعنا المــــــــر ريح الجنـــــــــــــــــــــــــــوب
ريح
الجنوب الذي هو موضوع اليوم ليس هو ذلك الفيلم الذي أخرجه "حمينا" ولا
هي الريح الرملية التي تأتينا أحيانا من الصحراء. ريح اليوم هي في الحقيقة نسائم خرجت من أفواه
أبناء الجنوب الجزائري عندما قالوا لا للتهميش والحقرة . لا للفقر ولا
للبطالة و لا للعبارات المعسلة ولا"
للمناسباتية " والترقيع الاضطراري الذي سرعان ما يتلاشى بمجرد أن تهدأ العاصفة.
عرفوا ذلك في أماكن شهدت احتجاجات مماثلة وانتهت بوعود ذهبت أدراج الرياح.
السياسة المنسابتية التي يقودها وزراء في مهمة
أشبه ما يكونون فيها برجال الاطفاء سئم الشباب منهم ومن رؤيتهم يوزعون الابتسامات
ويلقون الخطب والوعود ثم يعودون الى مكاتبهم بالعاصمة حاملين" رايات النصر"
.
ما
يحدث اليوم بالجنوب وبأماكن أخرى بالبلاد هو بداية "استفاقة" جديدة وعهد
جديد لامكان فيه للتنويم .
ان
الحديث عن أيادي أجنبية وتربص من الأعداء أضحى أضحوكة في نظر المواطنين خاصة بعد
بروز فجر جديد عم البلدان العربية . ما جدوى توزيع الملايير ذات اليمين وذات
الشمال دون وضوح تام للرؤية المستقبلية لهذه الأمة .تصوروا معي مصير البلد لو كنا
لا نملك الملايير. هل يجهل مسئولونا أن الثـروة الحقيقية تكمن في العنصر البشري
وليس في تراكم الأموال التي لم تجلب لنا في آخر المطاف سوى آفات الفساد التي عششت
في المكاتب الحكومية باختلاف مستوياتها .فلولا "البحبوحة المالية" لما
عبث المسئولون بالأرٍصدة البنكية للدولة ولما سنوا لأنفسهم قوانين
"النهب" الواضح والمستتر. ولما توغلت آفة الرشوة في نفوس القائمين على
تسيير دواليب الادارة والاقتصاد. ولقد انصهر الجميع-مع الأسف الشديد- في بوتقة
واحدة فهذا المعلم وهو القدوة "المزعومة " لا يتوقف عن المطالبة بكل
صغيرة وكبيرة وهذا الامام "المصلح" الذي تحول الى ببغاء يردد ما (يقولون له) مقابل
راتب مغري .وهذا المنتخب القابع على كرسيه يتربص بالناس للنيل من أموالهم بطريقة
أو بأخرى. وهذا الرياضي المدافع عن شرف الوطن لا يتوقف عن مطالبه برفع المنحة. كثيرون
لم يعد شيئا يغنيهم سوى مراجعة ما وصل اليه سعر برميل النفط وما يستطيعون ابتزازه
بالمناسبة من خيرات. ولو حوسبوا على ما يقدمونه مقابل ما يحصلون عنه لما
استحق أحد منهم الا القليل القليل .
ان
سياسة "التضميد الاستعجالي" لم تعد تجد نفعا في ظل التراكمات السابقة
لأخطاء في التسيير و لبرامج تنموية تأخذ
أكثر مما تعطي باعتبار أن المستفيد الأول هو ذاك المقاول أو تلك الشركة الخاصة أو
ذلك المتعامل الاقتصادي الذي يصرف من مال البنك ولا يدفع ضرائب ويستفيد من اجراءات
الجمركة وفي الأخير يشغل من يشاء ويطرد من يشاء دون سابق انذار.. شباب اليوم يريد
الملموس والعقلاني .لا يريد أن تمنحه صكا لشراء شاحنة لا يجد ما يحمل فيها أو
تمنحه محلا "تجاريا" لا يلبث أن يغلقه.هو يريد أن تستثمر هذه الأموال في
بناء معامل ومصانع واستصلاح أراضي باعتبارها الكفيلة وحدها باستيعاب اليد العاملة
واتاحة الفرص لاندماج الشباب في المجتمع
"
أنـــــــــــام"وكالة التشغيل آخر "عيطة" أي خرجة للحكومة
والحقيقة أن كلا من دخلها " نـــام ".فهي
مدرسة
يتعلم فيها الشباب الكسل والاعتماد على الدولة دون أن يبذل الكثير منهم أي جهد
يذكر.كم عدد المسجلين ب"أنام" الذين يتقاضون رواتب دون أن يتذوقوا للعمل
طعما. سياسة تذكرنا بالسبعينات أين كانت المصانع مكتظة بعمال نيام يستفيدون مقابل
ذلك من أرباح موسمية وسنوية جزاء اتقانهم للنوم.
أهكذاتستثمر
السلطة في رأس المال البشري؟ تعلمه ما لا ينفعه مقابل صمته عن ما ينتفع به من هم
في سدتها؟
أبناء
الجنوب يعانون العزلة والفراغ ويستمعون و يتفرجون بفضل الصحافة على مهازل عشرات
الاختلاسات من المال العام الذي تتدفق ثروته من بين أقدامهم الحافية . ينظرون من
خلال القنوات كيف يتلاعب "الخليفة" بالملايير وكيف يعيش" شكيب"عيشة الملوك وكيف ينهب العقار
بالدينار الرمزي وكيف توزع مناصب عليا وكيف يعين السفراء والولاة لا لكفاءاتهم
ولكن حسب خنوعهم . طفح الكيل بهم رغم حبهم الكبير للوطن ورغم وطنيتهم التي لا يمكن
لأحد أن يشكك فيها لحظة واحدة . ليست
مطالبهم أطماعا ولكنها حق من الحقوق التي جاء بها الدستور. لا يطمعون في
مسك النجوم . انهم بكل بساطة يطمعون في العيش فوق هذه الأرض الطيبة وتحت هذه السماء
الجميلة, جمال هذا الوطن الكبير بشعبه. الواسع بأرضه. الغني بثرواته.
أبناء الجزائر بالجنوب الجزائري يريدون أن تهب
ريحهم ريح برد وسلام ولا ريحا صرصارا عاتية.
في انتظار أن يتفهم الساسة حالهم. اشربوا أعزائ
القراء زعتر ساخنا وتفرجوا على "اليتيمة" .
فان
عند اليـتـــيمة الخبـــر يـبـــدأ دائما بالجملة "في اطار سعي الدولة للقضاء
على الفوارق......".
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire