lundi 6 mai 2013


         بعد ساعات من السيرالمضني وتحت حرارة شمس متوهجة اقتربت العربة الصغيرة رويدا رويدا من المدينة فلاحت  في  الأفق البعيد المنازل المتراصة والمتقابلة  والمغطاة بالقرميد الأحمر.عند مدخل أول شارع 
         أوقف السائق سوط  الحمار كي يخفف من  السرعة وراح يجوب الأزقة محذرا بصوته الغليظ  المارة الذين اكتظت بهم الشوارع و الأرصفة الى أن بلغ السوق الشعبية.وهنا  اعترضت سيره عربات الخضر المنتشرة في فوضى في الساحة على الأرصفة وفي الشوارع القريبة المطلة على المكان فلم يتمكن من مواصلة السير مما اضطره الى التأسف للراكبين داعيا اياهما الى الترجل. فنزلا في حركات متثاقلة كأنهما يرفضان النزول. وسارع عمار الى افراغ العربة من حملها شاكرا صاحبها على ما بذله من جهد .
وبدأ المشـــوار... أوقل  فصلا من فصول مغامرة غير متضحة المعالم. المتاع ثقيل وعلى عمار أن يبحث قبل كل شيء  عن مكان يمكنه فيــه على أن يعود لحمله عندما يستقر به المقام.سأل المارة فدله أحدهم  على مستودع قريب . تعاون الزوجان في حمل الكيس والصندوق وبعد أن ضمن موضعا للأمتعة . استدارعمار نحو زوجته  قائلا
-         هيا بنا الآن. لابد من البحث عن دار رمضان . قد نجد من يدلنا عنها ان حالفـنا الحظ .
 وانطلقا معا يخطوان أولى خطواتهما عبر شوارع المدينة متأملين ما يحدث حولهما من حركة لا متناهية ومن ضجيج يكاد يصم الآذان.
  اذا كانت مريم تعرف عن الريف كل شيء فهي لا تعرف عن المدينة الا ما سمعته من الناس .
  اذا كان الريف لايزال محافظا على هدوئه وجماله واذا كانت الطبيعة فيه هي لا زالت سيدة تتحكم في نمط حياة السكان وعاداتهم مثل الأم التي تحضن أبناءها الى صدرها خوفا عليهم من الأذى  واذا كان الناس لا يزالون متمسكين بتقاليد عديدة ورثوها أبا عن جد كحساب الشهورالقمرية وتـتـبـع تعاقب الفصول والمواسم الفلاحية  فان المدينة قد ضحت منذ أمد بعيد بكل أثر من تلك الآثـــار.فهنا في شوارع المدينة المنحدرة المتصاعدة والملتوية تارة المستقيمة طورا آخر. انه الزحام اللامتناهي والأوساخ التي تلفظها المطاعم والمحلات والبيوت. هنا في المدينة يجب على المارة الحذر من مغبة الاصطدام بأكياس القمامة و العلب والأوعية  المتناثرة هنا وهناك على الأرصفة الملوثة .هنا في المدينة على الراجل أن يحتاط لنفسه من المتشردين الذين تغص بهم الأزقة الضيقة.  هنا يجب على المشاة النظر يمينا وشمالا قبل المرورالى الرصيف الآخر من الطريق. هنا أهل الحضرلا هم لهم غير ملء البطون والجلوس الى المقاهي والثرثرة . هذه الأسباب وغيرها أنـســت السكان أن يمعنوا النظر في نور الشمس وضوء القمر وأن يتمتعوا بجمالهما.بل أفقدتهم البحث عن سر تواجد أناس غرباء متسلطين  لا يربطهم بهم دين ولا ملة .
  لما ابتعد الزوجان عن السوق وضوضائها شرع عمار في استقصاء الناس بشغف ولهفة يسابق الزمن
-         هل تعرف مسكن السيد رمضان ؟
البعض منهم كان يجيب صراحة ب"لا" والبعض الآخر يحاول معرفة المزيد قبل الاجابة
-         يوجد عشرات من السكان يحملون هذا الاسم. فعن أي رمضان تبحث؟
ويرد عمار
- رمضان الذي انتقل من قرية "الجبل" واستقر هنا بالمدينة منذ سنين.
 فمن الناس من يجيب  بالسلب دون أن يكلف نفسه عناء الاستفسار ومنهم من يحاول لكن دون الاهتداء الى الشخص المرغوب. سل غيري ربما تجد ضالتك. هذا ما استطاعوا قوله.
اقتربت الشمس الى الغروب ولا يزال البحث مستمرا . وأظلم الليل فهدأت المدينة وعم الشوارع والأزقة سكون لا يمزقه الا صوت محرك سيارة  من حين الى حين أو نباح كلاب متشردة أو مواء قطط تتصارع على فضلات مرمية هكذا على الرصيف . وكلما تقدم وخلفه مريم كلما تشعبت أمامهما الأزقة المظلمة المتسخة. فخيل للغريبين أنهما في كوكب لا أحد فيه من البشرغيرهما وكلما تقدما في وسط الظلام انتابهما شعوربالحوف أكثر فأكثر  ونسيا الجوع والعطش  فلم يعودا يفكران سوى في العثورعن مأوى  يقيهما مخاطر الليل في انتظار يوم جديد.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire