تعديل
الدستـــــــــــــــــــور- صـوتـــوا...أو لا تصوتوا...
التعديلات الدستورية المتوالية التي ما فتئت السلطات الجزائرية تجريها منذ
الاستقلال أفقدت للدستور معناه وقيمته
الحقيقية بل وجعلت منه مجرد قانون أو
مرسوم يسن من طرف الدولة وليس كمرجع لجميع
القوانين. تأتي به السلطة لقضاء مآرب سياسية بالدرجة الأولى ثم ما تلبث أن تعلن
بعد عشرية من الزمن عن تغيير جديد وهكذا. ولتخوفها من عزوف المواطنين عن التصويت
وعدم اكتراثهم بما يحتوي من نصوص (أغلبها شكلية ومحسنات بديعية ومرحلية ) ككل مرة.
لجأت السلطة كما رأينا في التعديل السابق الى البرلمان الذي لا حول ولا قوة له الا
رفع الأيدي وكما كان متوقعا لم يرفض لها طلبا مادامت الزيادات تتــوالى
والامتيـــازات تـتســـارع . دستور تسطر
خطوطه الطويلة والعريضة السلطة ثم ترمي بمسودته
الى أيدي رجال قانون(مختارين) لمطالعته وفي أذهانهم المرامي والأهداف التي تبحث عنها
السلطة التي يعود اليها المشروع لاقراره أو رفضه ومن ثمة وضعه للاستفتاء. وكنتيجة حتمية
لذلك التصرف يحاك الدستور على مقاس ضيق من الرؤى والأهداف وقد تدخل في نسجه أياد
أجنبية. فلا يطول أمده حتى تظهر به ثغرات كثيرة يستوجب تداركها بتعديل آخر. وهكذا
دواليك.. . وغالبا ما يصاغ الدستور وفق خليط من المواد والبنود أغلبها مأخوذة عن دساتير شرقية وغربية أي بعيدة
عن المجتمع الجزائري بتراثه وعاداته ومكوناته البشرية لا يجد فيه الجزائري ضالته.
كما وتتداخل في الصياغة مفاهيم العولمة وذلك ارضاء لأبواق الخارج الذي أصبح يتدخل بشتى الطرق بل ويضغط لسن القوانين التي تتلاءم ومصالحه مما أدى الى بروز شكل جديد من أشكال التبعية السياسية والثقافية والسلوكية فانغمس المجتمع
دون أن يدري في نمط حياة هو فيه تائه بين الصواب والخطأ.وكما يقول المثل الشعبي(جا
يمشي مشية الحجلة ضيع مشيته). في الدول التي تحترم شعوبها الدستور هو ميثاق الأمة ودليلها وحامي مقوماتها
لاتؤثر عند وضعه نزوات شخصية ولا حزبية أو طائفية باعتباره القانون الذي فوق
الجميع . دعونا نجرب مدى صدق نوايا السلطة هذه المرة ولعل أحسن اختبار هو هل
يستطيع الدستور الجديد الفصل بين السلطات؟
ان فصل السلطات هو أول ما يجب أن يشغل بال
القائمين على مراجعة الدستور الجديد فاستقلالية القضاء حجر الزاوية في ترسيخ مفهوم
الديمقراطية ودولة القانون وبدونها لا
يمكن الحديث عن أي تعديل مهم . ان كان
القانون فوق الجميع كما هو الشعار المتداول حاليا فيجب استبداله بعبارة-
القضـــاء فوق
الجميع- في اشارة واضحة الى محو هيمنة السلطة التنفيذية بطريقة أو بأخرى على
القضاء. وكلنا يعلم أن القاضي عندنا مسير وخاضع لارادة السلطة في كثير من الحالات
خاصة في قضايا حساسة ذات صلة بدواليب الحكم. ولتحرير القاضي من تلك التبعية يمكن
الاعتماد على هيئة حقيقية و حرة لا دخل
فيها ولا مكان فيها لرئيس الجمهورية ولا لوزير العدل . بعد ذلك يمكننا الحديث عن
النظام الواجب أن يتبع – رئاسي أم برلماني- والأفضل في هذه الحالة أن نحافظ على
النظام الرئاسي الحالي مع تعديل في الصلاحيات الممنوحة للرئيس والا تحول الحكم الى
نظام دكتاتوري أكثر منه ديمقراطي. ولأن النظام البرلماني خليط الحساسيات متعدد
المصالح والتوجهات وبطيء في اتخاذ
القرارات فقد يجعل الحكومة أكثر عرضة للابتزاز وأقل مردودية بل وقد يخلق نوعا ما
صراعا بين السلطتين التشريعية والتنفيذية يعطل سير البلاد والعباد. كما هو الحال
في بلدان عديدة.أما فيما يخص البنية الاجتماعية فيجب أن تحظى المرأة الجزائرية بمكانة تليق بدورها
الرائد في التحرير وفي بناء المجتمع ولتكريس تواجدها الكامل على الساحة الوطنية في
جميع المجالات يمكن توسيع مكانتها في التسيير السياسي ومنحها فرصة مزاحمة الرجل في
بناء المجتمع وفي التنمية والاقتصاد.بعيدا
عن فكرة سد الفراغ ولعب الدور الثانوي الذي تؤديه حالياوتستعمله السلطة واجهة
لتحرر المرأة وللديمقراطية عموما. تنال بها رضا الجمعيات والهيئات المدافعة عن
المرأة داخليا وخارجيا.
وان معالجة قضايا الأسرة بترسيخ مبادئنا
الاسلامية وعاداتنا الموروثة على مدى عصورهي السبيل الأمثل لرأد الصدع الذي يكاد
يذهب بمفهوم العائلة وامتدت سلبياته الى المجتمع ككل. . في المجال التربوي يمكن
القول أن تراجعا قد سجل خاصة في سلوكية
الفرد الذي غابت عنه خصال كثيرة عرف بها من قبل.ولا بد للمدرسة أن تلعب دورها
كاملا غير منقوص في بناء مجتمع سليم و أن تولي أهمية في تنشئة جيل متشبع بالأخلاق
الاسلامية والانسانية ملتف حول وطنه وغيور على وطنيته.ولن يتأت ذلك الا بمراجعة
شاملة للمنظومة التربوية وتحديد أهدافها بادماجها في الواقع المعاش ومتطلبات
المجتمع المستقبلية بتكوين ممنهج وسليم يراعي آفاق وطموحات البلاد في شتى
المجالات.واعطاء أهمية للتكوين المهني والعمل اليدوي . لاتزال الحريات المدنية غير
واضحة المعالم فهي تفسر حسب الغاية وكل من الشعب والسلطة يتهم الطرف الآخر بالتعدي
على الحريات العامة.ان حالة الطوارئ ومحاربة الارهاب لا تفرض على البلد الخضوع
الكامل ولفترة طويلة للهيمنة الأمنية التي يجب تحديدها في الزمان والمكان كلما دعت
الحاجة الى ذلك دون المساس بالحريات الفردية للناس.
الصحافة وهي
السلطة الرابعة لها دور جد حساس في الكشف عن عيوب التسييـر وفي محاربة
الآفــات ولتنجح يجب أن تتحلى بالصدق والموضوعية
دون المساس بالثوابت . دورها ريادي فهو المرآة التي يرى فيها المجتمع نفسه وكذلك
الادارة التي يجب أن تسهل عمل الصحافيين دون ضغوط أو مساومات.
..../......
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire