ما حكمكم أنـتم ؟
حاول أحد
أبناء احدى القرى أن يبيد أهلها بأكملهم
أو أناسا بعينهم دون أن يدري أحد من ساكنيها
بحقيقته الوحشية، حيث في كل مرة يستيقظ السكان على جريمة مروعة ، إذ يعمد
القاتل إلى “غرس” رأس الفأس في رأس ضحيته، ويدعه يتخبط في الدماء إلى أن يفارق
الحياة، وليشرع بعدها شباب القرية رفقة رجال الدرك الوطني في حملة تمشيط واسعة
بحثا عن القاتل المجهول لكن دون جدوى.
الكثير من
سكان القرية اعتقدوا أن المجرم مقيم في إحدى القرى المجاورة، وهو ما جعلهم يضربون
حصارا على القرية وتعيين نقاط مراقبة عند مداخلها، رغبة منهم في الإيقاع بالمجرم،
الذي حتما– يقولون- سيعود لارتكاب جريمة أخرى في وقت ما، وبقي التجنيد متواصلا،
والشباب مصرون على إلقاء القبض عمن يريد إبادة القرية بأكملها. وحسب شهود
على الحادثة، فإن عشرات الشباب المسلّح بقضبان حديدية وسلاسل وخناجر يقضون ليالي
بأكملها في مراقبة مداخل القرية دون أن يتوصلوا إلى شيء، وفي غالب الأحيان لما
يكونون بصدد تمشيط محيط القرية لا يصادفون في طريقهم إلا “راعي الغنم ، رفقة نعاجه
ومعازه، حيث يرد عليهم التحية ويتمنى لهم التوفيق"”.
وبقدر ما
يمر الزمن، بقدر ما يوقّع القاتل جرائم إضافية في صفوف رجال القرية، ليدوم الرعب
عاما كاملا، قبل أن يكتشفوا الحقيقة .....
بعد قراءة محتوى قرار الإحالة نادى رئيس المحكمة المجرم للتوجه إلى منصة
الاتهام، وسأله عن عمره فردّ بالقول إنه بلغ
كذا سنة، وعن مهنته قال “راعي الغنم”، وسأله الرئيس ، إن كان ارتكب الجرائم
التي نسبت إليه، فردّ بالإيجاب دون تردد، وسأله إن كان يخاف اللّه، فردّ بالإيجاب وقبل أن يستمع لسؤال آخر قال إن كل الذين قتلهم
“لا يخافون اللّه”.
طلب رئيس الجلسة من المتهم أن
يكشف عن الأسباب الحقيقية التي دفعته إلى ارتكاب المجازر، فشرع في سرد قصته، حيث
قال “إن البداية كانت مع أحد رجال القرية المعروف بببنيته القوية وجبروته وبانتمائه
لعائلة كبيرة يمتد نفوذها الى العاصمة ، لقد استغل ضعف حالتي الصحية والمادية،
وتجرأ يوما فدخل بيتي في غيابي، واعتدى على زوجتي، وهددها بقتلي وقتل أولادي إن
كشفت أمره.. هي لم تفعل ، لكن كل سكان القرية يتبادلون الحديث في ما بينهم حول هذه
القضية التي مست شرفي..”. ويواصل “ذات مرة تركت القطيع في وسط الطريق لأعود إلى
بيتي، حيث تأكدت من ادعاءات الناس.. حاولت الدفاع عن شرفي لكن قوته البدنية مكنته
مني وأبرحني ضربا أمام زوجتي التي أغمي عليها قبل أن يغمى علي أنا أيضا.. تركني
أتخبط في دمائي وانصرف، ولما استعدت وعيي وجدت زوجتي قد فرت رفقة أولادي إلى جهة
مجهولة، لأسمع خبر انتحارها ثمانية أيام بعد الحادثة.. الحڤرة والظلم لم يتوقفا
هنا فلقد كلف نفرا من أصدقائه وأفراد عائلته وحوّلوني في وسط الطريق العمومي إلى
كرة قدم ضربا بالأرجل. وهنا توقف المتهم قليلا ليمرر يده على عينبه المغرورقتين, تنهد ثم
واصل-
“انتظرت عاما كاملا لأعد خطتي، حيث أعددت فأسا
حادا شحذته.. ، ومنجلا تقليديا.. وكان أول ضحية لي هو المعتدي على شرف زوجتي
وشرفي، وسبب انقراض عائلتي، حيث في نهاية سهرة رمضانية اقتفيت أثره من الوراء
لأفاجئه بضربة على الرأس أسقطته أرضا، ثم غرست رأس الفأس في رأسه وأخذت المنجل
وقطعت له جهازه االتناسلي وتركته للذئاب التي أبت هي الأخرى أن تفترسه.”.
ويضيف الجاني ساردا حيثيات مجازره
“أما الجريمة الثانية فقصدت من حاول الاعتداء على شرفي شخصيا من بين المعتدين
عليّ، وانتهزت فترة تواجده في حالة سكر لأفعل به ما فعلت بالأول”
وأضاف أن عهدته الإجرامية امتدت
على طول 8 أشهر تمكن من خلالها من تصفية كل من تسبب في مأساته، وأضاف أنه لما
انتهى توجّه فجر ذات يوم إلى إمام مسجد القرية وطلب منه أن يكشف للعام والخاص أن الراعي
انتقم لشرفه. ثم توجّه مباشرة نحو ثكنة الدرك ليسلّم نفسه، وقبل أن يعود إلى مقعده
قال لرئيس المحكمة إنه كان ينوي الانتحار، لكنه تراجع لأنه كان
يفضّل أن يرى في خصومه وجه العذاب الذي تحمله شهورا طويلة
في
المرافعات التي تلت سرد الوقائع والتي تتبعها سكان القرية الذين غصت بهم
القاعة
قال أحد محامي الضحايا إن المتهم
ارتكب جرائم بشعة يندى لها الجبين، وبأن الوحشية التي تعامل بها المتهم تنم عن تشبعه بالروح الإجرامية، موضحا أن الكثير
من الناس ممن مسوا في شرفهم ، اكتفوا بالاستعانة بالدولة والعدالة التي اقتصت
لهم وفق القانون
دفاع المتهم، من جهته، حمّل
المسؤولية للمجتمع الذي لم يرحم القوي منهم ضعيفهم، والتمس من هيئة المحكمة إفادة
موكله بالظروف المخففة، خاصة أنه سلم نفسه دون مقاومة لرجال الدرك وساعدهم على
تفكيك لغز الجريمة، وأن المتهم دافع عن شرفه وأن خطأه الكبير أنه تصرف بسلطان
القلب وتجاهل سلطة العقل .عادت هيئة المحكمة لتعلن عن قرارها النهائي بإدانة
المتهم بالسجن مدى الحياة.
الى اللقاء
مع واقعة أخرى.....
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire