jeudi 26 février 2015

          وينتفض طرطر (3)

أحس طرطر بضرورة تغيير الجو فقصد مدينة اللهو والزهو . باحدى المقاهي وصل به الحال . هاهو جالس يتفرج  على الشاشة الكبيرة للتلفاز ككل الحاضرين رؤوسهم مشرئبة وعيونهم تتواصل مع كل لقطة  .
البعض يعلق والبعض غير مبال . – أين هذا يارجل؟ سأل طرطر أحدا من بدا عليهم الاهتمام بما تبثه الشاشة. هذه عاصمة أحد البلاد العربية , انظر الى ما آلت اليه من دمار بسبب الحرب هناك بين الحكومة
و شباب " كوكو غـرام ". – ومن هم كوكو غـرام؟  حدق الرجل في طرطر قليلا ثم أخذ فنجان القهوة وانتقل الى ركن آخر من المحل. بقي طرطر يشاهد صورا لجثث منتشرة بالشوارع ويتأمل المباني المهدمة على رؤوس أصحابها. انتابه شعور غريب بضرورة أن يكون هناك . الموت هناك متوفر ومن ينجو من الحرب لا يمكنه النجاة  أبدامن الموت جوعا  أومرضا.
لقد رسخت الفكرة ببال طرطر . لا مفر من تنفيذها اما عاجلا أو آجلا. السفر الى حيث يجب أن يكون الى جانب " كوكو غـرام".
أين يجد من يوصله الى هناك؟ يبقى السؤال المحير . قال في نفسه – "كوكو غـرام" أناس ملتحون. وهنا يوجد ملتحون. قد أجد ملتحيا هنا مع علاقة بملتح هناك. قصد المساجد والجمعيات الخيرية  بحثا الى أن
حصل على مراده. التقى بشاب ملتح وحصل منه على صداقة متميزة. كانا لا يكادان يفترقان حتى يلتقيا من جديد حول داعية أو بحلقة تفقيهية بمسجد من مساجد المدينة.
اتفق الاثنان على وجوب الالتحاق بشباب " كوكو غـرام" . وأعدا العدة ونسقا  جهودهما مع مجندين محليين
وهكذا وبعد رحلة شاقة و معابر خطيرة واتصالات بين أطراف متعددة  وصل طرطر و " أخوه في الدين"
الى قلب المعارك. تدربا على استعمال السلاح مدة ثم أقحما في أول معركة . كم كانت فرحة طرطر كبيرة وهو يرى "اخوانا له" يموتون كل يوم. متى يحين دوري ؟ كان يردد دون انقطاع.
ذات يوم اندلعت معركة بين  الحكوميين و" كوكو غـرام" لكن طرطر نجا بأعجوبة من قذيفة سقطت بالقرب منه لكنها لم تنفجر. في معركة جبل " هولولو " باغت الجيش النظامي المدعم جوا بالطائرات  الجماعة من الخلف وقتل كل من استطاع اليه سبيلا ولما تدخلت الطائرات سلطت نيران أسلحتها بالخطأ على الجيش    فأبادته عن آخره.    ونجا طرطر مرة أخرى. كان على طرطر انتظار معركة غابة " الفيران" ليصاب اصابة مباشرة دخل على اثرها  في غيبوبة طويلة رأى فيها نفسه محاطا بفتيات جميلات تحطن به وتروينه شرابا لذيذا . لما استعاد قواه وجد نفسه في سجن محاط بأسلاك كهربائية شائكة قضى به  سنوات شبابه
الى أن أطلق سراحه ونقل الى وطنه الأصلي وبالضبط الى قريته حيث وجد أن كل شيء بها قد تغير.

عاد من حيث انطلق أول مرة, لكن هذه المرة أقسم أن لا يتدخل لا في شؤون " كوكو غـرام " ولا مسائل "كوكو كـــلام "  وأن يعيش العيشة التي كتبها الله له وفقط.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire