وينتفض طرطر (2)
حمد طرطر الله على هذه الإدانة الخطيرة للغاية والتي ينص
القانون على أن مرتكبها لا جزاء له سوى الإعدام رميا بالرصاص. بقي يقبع بالسجن
المركزي مدة شهر دون محاكمة وذات صباح فتح الباب فظن الرجل أن ساعة الرحمة قد حلت,
لكن سرعان ما تنبه أن الحراس يقتادونه إلى الباب الرئيسي للسجن بدلا من ساحة عملية
تنفيذ أحكام الاعدام. أطلق سراحه وبحوزته مبلغ مالي معتبر. لما بلغ وسط المدينة
رأى المواطنين يحتفلون مع الجنود ولما سأل عن السبب قيل له أن الوالي نجا من
مؤامرة اغتيال دبرها ضده قادة عسكريون والفضل لأحد لمواطنين " الصالحين
" ويدعى طرطر الذي تفطن للمكيدة وقلب الطاولة على المتآمرين الذين دارت عليهم
دائرة السوء .
عاد طرطر الى قريته ليستقبله أهلها استقبال البطل العائد
من المعركة . لكن الحياة في نظر طرطر لم يكن لها طعم مادام لم ينفذ ما يدور في
مخيلته. "الموت ديكا" ولا عيشة دجاجة.
اشتاقت نفسه الى زيارة المدينة حيث الأسواق العامرة والسيارات الفخمة والصخب
والأكل والشرب في كل شارع ومكان فخرج يحمل
حقيبته السوداء التي أضحت لا تغادره في كل ترحال, الى أن بلغ محطة القطار ( عين
لولو) وهناك جلس ينتظر مع المنتظرين. وكان بقاعة الانتظار رجلان يبدو عنهما التوتر.
كانا يحملان حقيبة سوداء أيضا ومتاعا. مرا بطرطر ثم عادا بعد هنيهة ليقفا بجانبه مرة أخرى وليضعا أمامه حقيبتهما ويستبدلانها بحقيبة طرطر التائه المسافر بخياله
خارج حدود المكان والزمان وليخرجا بعد
هنيهة من المحطة محملين بالحقيبة والمتاع تماما مثلما دخلا . وصل القطار فانتظر الجمع
نزول الركاب القادمين ليخلفوهم فيه .تقدم أحدهم يحمل حقيبة سوداء وقف بجانب طرطر
للحظات ثم استبدل الحقيبة وانصرف. ركب المسافرون فانطلقت القاطرة مدوية في الفضاء
الشاسع تجر وراءها القطار ومن فيه, طرطر وحقيبته السوداء والناس أجمعين. وبداخل احدى المقاهي
هاتف أحدهما لمجهول يخبره بأن الحقيبة بصحبة رجل
على
متن القطار القادم وأكمل بوصف دقيق لطرطر مثل لون سرواله
وقميصه.الخ...
كانت الشرطة على علم بتحركات الرجلين اللذين دخلا ثم
خرجا من محطة ( عين لولو) قبل وصول
القطار. بقيت تترصد تحركاتهما ثم باغتتهما وألقت القبض عليهما لكنها لم تعثر
بالحقيبة إلا على وثائق هوية رجل يدعى
طرطر. أدرك قائد الشرطة أن عملية تبادل للحقائب تمت بالمحطة فقام في الحين بإبلاغ
نظرائه مقدما بدوره وصفا دقيقا لطرطر.
طوقت الشرطة محطة المدينة وأغلقت كل المنافذ . نزل طرطر
فوجد في استقباله رجال من الأمن قاموا باقتياده إلى المركز موجهين له تهمة المتاجرة بالمخدرات . واصطف
الصحفيون يلتقطون صورا للمتهم ليخرجوا في المساء بعنوان واحد – إلقاء القبض على
أكبر بارون المخدرات بالشرق الأوسط وشمال افريقيا . سر طرطر أيما سرور ومنى نفسه بشنق لا مثيل له في
التاريخ المعاصر. داخل الحقيبة عثر المحققون على كمية من السكر موزعة على أكياس شفافة بوزن 100 غرام للكيس. خرج طرطر
مرة أخرى من السجن كما ولدته أمه. عاد الى القرية يجر خيبة أمل كبيرة .
بعد أسبوع وقع حادث مرور بالطريق الوطني رقم 5 أين
انقلبت سيارة وبداخلها وجد رجال الدرك الحقيبة السوداء الثالثة معبأة ب 7 كيلوغرامات من
المخدرات ولتعلم في الأخير أن صاحب السيارة ماهو الا شريك سابق للرجلين كان على
علم بالمكيدة فخطط للاستيلاء على الحقيبة وكان ينوي نقل "البضاعة" إلى
تونس.
وهكذا مرة أخرى تقف الأقدار ضد تحقيق طرطر لحلمه في
" ميتة ديك ولا عيشة دجاجة". فهل يصادفه الحظ في الحلقة القادمة؟؟؟؟؟
....
تابعـــــــــــــــــوني......
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire