lundi 23 février 2015

تلقى (سعيد) نبأ وفاة والدته عن طريق الهاتف من مدينة سطيف  قبل أن تصله رسالتها التي

أودعتها يوم موتها ملحين عليه فيها عدم القدوم الى الجزائر ومخبرين اياه أن  الدفن قد تم ولا داعي للمغامرة

بحياته . ولما  تساءل عن مصير زوجته أخبروه أنها غادرت الى أهلها  قبل  الوفاة  بأيام  ولا

خوف عنها .
أهل (فاطمة) هرعوا لهول الفاجعة التي ألمت بأصهارهم . امتزج همهم بهم أقربائهم

في النسب . محنة يصعب تحملها  فقدان البنت من جهة ووفاة حماتها من جهة أخرى.


جل السكان نصحوهم بعدم الإبلاغ  عن اختفاء ابنتهم أو الاتصال بالسلطة العسكرية

لأن ذلك قد يعرض حياتهم للخطر.


فالملازم ( بو النواظر) لازال يلهث وراء كل خبر قد  يوصله الى ( فاطمة).

حاول الملازم على امتداد أيام وليالي تخويف السكان تارة بحرق ممتلكاتهم  وقتل مواشيهم

وطورا بتجميعهم خارج الثكنة إلى ساعات متأخرة من الليل دون الوصول الى مبتغاه  ولما

يئس به الحال قرر سجن كل منتخول له نفسه الخروج من القرية المطوقة دون ترخيص منه.


كان عمري خمس سنوات عندما ترك والدي العائلة كغيره من الجزائريين للعمل بباريس .

  خمسة أفراد  هو عددنا جدتي وأمي وأختي الكبرى والتي تصغرني سنا. في احدى الليالي

طلبت منا أمي أن ننام مبكرا لأننا – كما قالت- علينا الخروج من القرية قبل طلوع الشمس.

 ولما جاء الصبح فوجئنا بتساقط الثلج  فخافت أمي علينا من المرض وترددت  بين البقاء أو

المغامرة لكن جدتي نصحتها بالفرار.

انطلقنا نتتبع حافة الوادي الى أن وصل بنا السير الى الطريق العام المؤدي الى محطة القطار

البعيدة بست ( كلم) لكن الثلج أعاقنا واحمرت وجناتنا وتجمدت  أرجلنا ورحت أبكي من شدة

الألم. حنت جدتي لحالي وحملتني على ظهرها  الى أن ادركنا محطة تاسيرة. انتظرنا أول

قطار وكلنا خوف من أن يكتشف الملازم أمرنا فيلحق بنا.



وصفر القطار معلنا قدومه ومعلنا بالنسبة لنا انفراج معاناتنا ولو مؤقتــــا.توقفت القاطرة في

محدثة ضجة ارتجفت لها الأرض و رمت الفضاء بدخانها فملأت صدره رعبا.

اندفعت جدتي نحو أولى عربة تجرني وراءها وهي تتمتم. مكننا أنفسنا على ا لمقاعد الخشبية

وانطلق القطــــــــــــار....دفعني فضولي الصبياني الى النافذة, نظرت من خلالها فلم أر

سوى التلال القريبة وهي تتراقص على وقع دوي الآلة الضخمة.

عدت حيث جدتي فاحتضنتني .وضعت رأسي في حضنها فرحت أتلذذ دفء صدرها و

 عظمة حنينها.
                                                    


                                                                              ..... يـتــبــــــــــــــع .....

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire