في اليوم الموالي قصدت
أم (سعيد) مدينة رأس الوادي وبعثت برسالة إلى
ابنها تخبره فيها
بأن زوجته عادت إلى
أهلها دون الإشارة إلى الأسباب الحقيقية . مرت أيام قليلة وعاود
الملازم ذا النظارات الطبية حنين لرؤية (فاطمة) والتمتع بانتهاك حرمتها
المقدسة . سارع
إلى إرسال فصيلة من الجنود في طلبها. علم في الأخير بفرار
المرأة فجمع السكان بنادر
التبن وأمر جنوده
بتطويقهم بحزم التبن وبإشعال النار في أجسادهم, إن هم لم يخبروه بمكان
تواجد ها .توجهت
الأنظار متوسلة إلى أم (سعيد) لكن هذه الأخيرة قالت أنها لا تعلم لها
جهة. أطلق سراح الجميع إلا
أم (سعيد). كبلها الجنود وساقوها إلى مكتب الملازم . خضعت
العجوز لشتى أنواع
التعذيب ولما يئس من الحصول منها على رد. أمر جنوده في الصباح
الباكر بإحضار القرويين
وأما أنظارهم تبول على جسدها المدمي وأشفى
غليله بإطلاق رصاصة قاتلة
في اتجاه أم (سعيد) نالت على إثرها الشهادة.وقبل أن يغادر
المكان صرخ في وجه
الحاضرين أنه لن يتوقف عن قتلهم ماداموا "صامتين" .
هذه الكلمة رنت في أذان
البعض فكانت بمثابة النابض الذي حرك الهمم لدى كل
من كان
باستطاعته الدفاع عن ما
تبقى من شرف لأهل القرية لكنهم أجلوا
الرد إلى الوقت الذي
يرونه مناسبا.
واصلت (فاطمة) السير
الى أن بلغت سفح الجبل حيث بدا لها دخان أحد البيوت فاقتربت
خائفة تتلطف مترجية من به فتح الباب.
أطلت امرأة ثم أخرى,
ترددتا قليلا وانتابهما ريب في ما يجب فعله في غياب الرجل
صاحب البيت والذي يعود
له الأمر والنهي في استقبال أو رفض كل غريب عن الديار.
هوت فاطمة على الأرض
فلم تجدا بدا من حملها الى الداخل قرب كانون الحطب
الملتهب . سارعت
احداهما الى تغطية الضيفة بما ملكت يداها بينما شرعت الأخرىعلى جناح
السرعة في تحضير مشروب
ساخن .
غاصت ( فاطمة) في النوم
وامتلكت جسدها حمى شديدة حاولت احدى النسوة معالجتها
بصب الخل وزيت الزيتون
مبللة بهما شعر المريضة .عاد صاحب البيت
من االغابة قبل
الغروب بقليل محملا
بحزمة من عيدان الحطب . ولاحظ وجود
المرأة ظنها من أهله لكن
سرعان ما تراجع سائلا
عن من تكون؟
قصت عليه احداهما ما
جرى. فأمرهما بالعناية بها في انتظار أن يعرف منها القصة كاملة
في الغد القريب.
مع بزوغ فجر اليوم
الموالي حلبت صاحبة البيت الماعز وطهت كما تعودت كل صباح خبز
الكسرة. استيقظ الجميع
فتحين الرجل الفرصة ليسأل( فاطمة) عن حالها وعن ما تنوي فعله.
حكت فاطمة ما جرى دون الخوض في ما فعله بها المجرم
الفرنسي حياء منها وخوفا من
كل سوء ظن بها.
ختمت حديثها بالقول
أنها ترغب في الالتحاق بصفوف الثوار وطلبت من الرجل أن يدلها عن
السبيل الى ذلك.
رد الرجل في تحفظ أن الجماعة التي تنشط بالناحية تعودت النزول عنده من حين الى حين
وأنه يترقب
قدومها في الأيام
القليلة القادمة مضيفا بأنه سوف يطرح
الموضوع على قائدها. في
انتظارذلك ألح على أهل
البيت توخي الحذر ومراقبة قدوم العسكر
.مؤكدا على زوجته إخفاء
المرأة في المخبأ السري المعتاد استعماله والقريب
من البئر إن اقتضت الضرورة.
..... يـتـبع.....
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire