لا تقنطي من رحمة الله يا امرأة اذا ما واصلت على هذا الحال ستسوء صحتك ويتجعد وجهك قبل الأوان . قيل هذا الكلام لمريم من مدة طويلة, أما اليوم فالتجاعيد تغطي كامل وجهها. تلك النصيحة أبدتها سعدية ليس في صالح مريم فقط بل لنفسها أيضا فلقد كانت ككل امرأة, شديدة الخوف من التجاعيد . أن تنجب المرأة بنين وبنات كل سنة فهو أمر عادي بالنسبة للقرويين أما أن تتوقف عن الانجاب كحال مريم فذلك يعرضها للقيل والقال بل والى الطلاق عند بعض الأزواج.
ووقف عمار ومريم حائرين من أمرهما فلقد مر على ميلاد فاطمة خمس سنوات وليس لهما الى حد اليوم غيرها.
كلما قادتها الزيارة الى أهلها سألتها أمها في حيرة واستغراب وذات مرة عرضت عنها أن تقودها الى " سي مبارك" الذي عرف عند سكان الجهة بمداواة العقم وما أشبهه بالأعشاب والنباتات .
غير أن "طبيب الأعشاب" هذا لم يستطع أن يغير من الأمر شيئا. وتوالت السنوات تجر بعضها جرا. في سن العاشرة أصيبت جدة فاطمة بمرض أقعدها الفراش فما منعتها تلك البلية من التفكير في حال ابنتها فلقد وضعت في يد ابنتها ذات مرة قطعة نحاسية وطلبت منها أن تعلقها في رقبتها قائلة بكلمات متقطعة- لعل هذه تكون لك سندا في الأنجـــاب ان شاء الله.
وتردت صحة أم مريم وجئ بالطبيب الوحيد بتلك الجهة فكانت الفرصة سانحة لتطرح مريم مشكلتها على الحكيم . وهكذا وفي خضم هذا الجو المشحون بالأسى , جــاء لقاء مريم بالطبيب "آكلي" .
تعالي الى العيادة, لا أعدك بشئ ولكن سأبذل جهدي لمداواتك . هكذا رد عنها الطبيب لما أخبرته بتوقفها اللاارادي عن الأنجــاب.
بعد وفاة أم مريم بشهر وبعد تردد ومشاورات مع عمار, قصدت مريم عيادة الطبيب "آكلي". وكان الفرج على يده فمن نتائج العلاج الذي استغرق شهورا أن حملت مريم ثانية فرزقت الأسرة بصبي جاء ليعيد الأمل وليبدد المخاوف وليستبشرعمار بالمستقبل خيرا. فمجئ "كمال" غير كثيرا من ميزاج عماروكذا الحال بالنسبة لفاطمة. مسكينة فاطمة لقد انتظرت هي الأخرى طويلا محرومة من أخ يقاسمه ألعابها ومسراتها. ..../....
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire