dimanche 17 février 2013

بقي عمار واقفا وسط الغرفة برهة من الزمن ثم توجه نحو الغرفة المجاورة ليعود وفي يده قليل من القمح
- بمحصول كهذا سوف لن ينقصك شئ ياعزيزتي . قال ذلك ثم اتجه نحو الغرفة المجاورة فما لبثت مريم أن حذت حذوه.
الآن وبعد مضي زمن طويل, لازالت مريم تتذكر تلك الحقبة من عمرها ولازالت صور كل من أحبت تـتـسـابق أمام عينيها, كل أشياء الماضي من مشاهد وأشكال وظلال حتى أنه يخيل لها الآن في هذه اللحظة بالذات وكأنها تقف على ضفة ذلك الجدول المنساب وسط الحقول فلا ينقصها الا الأنحاء قليلا لتلمس ماءه البارد. ذلك السيل الذي كان جزءا من حياتها لم يعد اليوم سوى مجرد ذكرى من حياة تقول عنها أنها انتهت منذ مدة.
فلم يكن قد مر عن زواجها الا أسبوع وها هي مريم تـتـبـع مجرى الوادي بحثا عن مكان مناسب لغسل الثياب. بعد عناء, وجدت مريم ضالتها في مجرى واسع وضفة محفوفة بصخور صغيرة ,  فوضعت هنالك حملها وراحت تبلله بحذر ثم رفعت أسفل فستانها الى حد ركبتيها ونزلت وسط الجدول تحك الغسيل على حجر مسطح مضيفة في كل مرة شيئا من الصابون الذي أحضرته معها. ثم طرحت الغسيل على الضفة ليجف قليلا. وما أن رفعت رأسها حتى أبصرت  ثلاث نسوة يقتربن منها . تعرفت من بينهن عاى جارتها سعدية التي كانت قد زارتها منذ يومين فقط كانت كل واحدة تضع على رأسها حزمة من الثوب . واحدة منهن كانت تحمل على الورك رضيعا.أما الأخرى فبدت وكأنها حبلى. ابتسمت مريم عند رؤيتهن فاقتربن منها وقد بدت عنهن مودة واضحة. كانت سعدية طويلة القامة, ذات أوراك عريضة وصدر مثير للأستفزاز. أما الثانية فكانت نحيفة و ذات وجه شاحب. الثالثة كانت أصغر منهما سنا وأجمل أيضا. غير أنها كانت تتمايل في سيرها لدرجة أن مريم خافت عنها من السقوط في المجرى. لاحظت سعدية ذلك فباردت مبتسمة - هذه جارتنا سلمى وهذا حملها الأول. ثم أردفت ضاحكة - وسوف لن يكون الأخير, لأن زوجها وكما ترين لم يضيع وقته.
وهذه خديجة, زوجة صاحب الدكان الوحيد بالمنطقة. عندئذ تدخلت خديجة -  أسكتي يا سعدية ألا ترين أنك تخاطبين امرأتين تعيشان  أحلى أيام زواجهما . فهذه مريم لم تكمل بعد شهر العسل وتلك سلمى في عامها الأول.
- هذا ليس مهما, ردت سعدية. أليستا مثلنا؟ سلمى بحملها وهذه( مشيرة لمريم) ستنال نصيبها في أقرب الآجال. كل الرجـــال يتشـــابهـــون.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire