mercredi 11 novembre 2015

كل من رآها خيل له أنه أمام ملكة من ملكات الجمال اللائ تنشر صورهن على صفحات المجلات أو على شاشات التلفاز أو أنه  أمام عارضة من عارضات الأزياء الشهيرات . الأهل والأقارب كانوا يتنبأون لها بزواج سعيد بفارس  وسيم  يضاهيها جمالا و طيبة. ولأنها كانت وحيدة والديها فقد كانت المدللة التي لا يرفض لها طلب . شاءت الأقدار أن يحضر والداها  وليمة  لأحد الأثرياء بالمدينة  لتتعرف سيدة ثرية على البنت ( نورة) . أعجبت السيدة بالفتاة أيما أعجاب وتمنتها عروسة لولدها المدلل. بعد أيام تقدمت عائلة الفتى بطلب يد الحسناء وتمت الخطوبة وجرى العرس بعد أشهر قليلة. كان هم الوالد أن يزوج ابنته لرجل ثري يقيها تقلبات الدهر . وقد تم له ما تمناه. فهو اليوم في بهجة وسروربعد أن اطمأن لمستقبل ابنته الوحيدة العزيزة.
 لكن ذلك الجو البهيج لم يعمر سوى أسابيع حيث اكتشفت ( نورة) أنه غر بها  وظهر زيف  أسرة الزوج   وبرزت عيوب "الفارس" فلقد أدركت المسكينة أنها ارتبطت برجل لا يملك من الرجولة  الا  الاسم وأنه من المدمنين على الكحول والمخدرات . وكثيرا ما كان يقضي معظم الليل خارج البيت يتلذذ شرب أنواع النبيذ ليعود آخر الليل فيشبعها ضربا كلما حاولت التنديد بما يفعله.
حاولت التسـتـر على زوجها وامتنعت عن اخبار والديها بماتعانيه  . لم تكشف سرها لأحد ظنا منها أنها ستتمكن في الأخير من أقناع زوجها بالكف عن الذنوب .  واستمر الحال على ما هو عليه ,بعد مضي شهور عن زواجهما  قرر الزوج السفر الى فرنسا فاقترحت عليه الأم اصطحاب زوجته معه وهي فرصة كما قالت لعرض حالتيهما على طبيب مختص في علاج العقم . واصطحب معه ( نورة) واستقر به الحال عند أخواله ليقضي أياما لكن سلوكه وأدمانه على الخمر دفع بخاله الى مطالبته بالعودة الى البلد فورا فحزم أمتعته وبدلا من امتطاء أول طائرة  قاد زوجته الى مدينة ( نيس)  أين اكترى غرفة بأحد الفنادق القديمة .هنالك وجد ضالته بعيدا عن العيون فاندمج بسرعة مع الضالين ولم يعد يعود للبيت الزوجية الا قليلا تاركا الزوجة المسكينة بين جدران غرفة مليئة بالحشرات والصراصير وتآكلت حيطانها بفعل الرطوبة  مما أثر على صحة المرأة حيث بدات تشعر بضيق في الصدر وبصعوبة في التنفس. عزلتها اللاارادية التي وضعها فيها زوجها  جعلتها  لا تعرف عن العالم الخارجي الا ما يبدو لها من خلال النافذة الصغيرة التي كانت عينها  الوحيدة  على الناس .لما يئست  وشعرت بأنها ستجن لا محالة لو استمرت على ما هي عليه  قررت ذات يوم كسر جدار الصمت واغتنمت فرصة رجوع الرجل مخمورا كما تعود فاخذت منه مفتاح الغرفة خلسة حملت حقيبتها  وخرجت بل قل هربت , كان اليل حالكا والمطر يهطل غزيرا أبصرت ضوء محل يتلألأ نوره من بعيد فأسرعت تلتمس دفئا , دخلت المحل ترتجف  وأخرجت  ورقه بيضاء من جيب فستانها المبلل ناولتها لمن كان يبدو عليه صاحب الدكان وألمحت له بأشارات فهم منها أنها تريد التحدث في الهاتف , وضع الرجل  جهاز الهاتف على المحسب وراح  يكون الأرقام المدونة على الورقة. سمعت رنين الهاتف في الطرف الآخر فابتهجت تنتظر بشغف الاستنجاد بوالدها   لكن لا أحد يرد. حاول الرجل مرة أخرى ولما يئس تأسف  و أعاد لها الورقة  وعاد الى خدمة زبائنه. خرجت تجر خيبة  الأمل  سارت على الرصيف الممتد والريح يلفح وجهها فلم تتماسك وراح جسدها الجميل يرتجف من شدة البرد والخوف من المجهول بأحد مداخل العمارات لجأت وأسندت ظهرها الى الجدارثم  تكورت وهام بها الخيال بعيدا الى أن أخذ منها النعاس فلم تستيقظ الا على وقع أقدام سكان العمارة وهم يخرجون في الصباح الباكر متوجهين الى العمل.
ما العمل ؟ تساءلت. هل أعود الى الوراء؟ الى الوحش؟ هل أغامر؟ سارت وسط جموع الناس تترصد ملامح  عربية  وبلغت سوق الخضر وهناك استبشرت برؤية نسوة عربيات عرفتهن من خلال لباسهن . فكان سؤالها الوحيد هو أن يساعدنها في الحصول على عمل وعلى مقر للمبيت ولو مؤقتا. خاب ظنها فيهن فكثيرهن كان لا يوليها اهتماما ومنهن من طلب منها العودة الى الوطن في أقرب وقت قبل فوات الأوان فأرض الغربة لا ترحم الرجال فما بالك بالنسوة . هكذا كن يحذرنها  وأخريات نصحنها بتبليغ الشرطة عن الزوج المسئ . حل المساء والمرأة في تيه شديد وفي حيرة من أمرها. توسلت الى احدى العائلات أن تأويها ولو لليلة فكان لها ذلك. ابان العشاء اقترحت عليها الأسرة المكوث  أسبوعا على الأكثر في انتظار أن تتدبر أمرها . وما أن حل اليوم الموالي حتى خرجت تبحث عن شغل فبدونه لا تستطيع اكتراء غرفة أو الحصول على طعام فكان شغلها الشاغل هو الشغل . طافت أرجاء المدينة طولا وعرضا  من محل الى محل ومن شارع الى شارع . خاب ظنها في الناس فمنهم من كان يريد استغلالها لآغراض دنيئة ومنهم من كان يريد النيل منها ولكنها صبرت وأبت الا أن تصمد أمام جنون البشر  ووصل بها الطواف أمام باب منزل فلفتت انتباهها عجوزمقعدة على كرسي متحرك  فدنت منها وراحت تحدثها باشارات فهمت منها المرأة أن محدثتها لا تتقن الفرنسية ولكن فهمت أنها بصدد البحث عن قوت أو شغل. المهم هذا ما توصلت اليه  فابتسمت في وجهها وطلبت منها أن تدخل.....
غضب الزوج السكير من نزرة أشد الغضب وأقسم أن يقتلها ان صادفها فبحث عنها في الخفاء دون اللجوء الى الشرطة خوفا من أن ينكشف سر متاجرته للمخدرات. اكتفى بالبحث في محيط ضيق ثم سرعان ما انغمس في المهلكات فأجل النظر في قضية نورة الى أجل غير مسمى.
بدأت نورة تسترجع عافيتها واندمجت في جو الأسرة الفرنسية الهرمة . فكانت تقوم بدور المنظفة والطباخة والممرضة في بعض الأحيان كل ذلك مقابل المبيت وقليل من المال. لكن صبرها وقناعتها وايمانها بالقضاء جعلها لا تكترث لما يصيبها من عياء بل وتحمد الله على ما هي عليه.
لما استقر بها المقام راحت تفكر في الاتصال بوالديها اللذين زاد اشتياقها لهما يوما بعد يوم. حاولت في كثير من المرات التحدث اليهما عبر الهاتف لكن الخط كان دوما مقطوعا . بعد مدة فضلت الكتابة لهما عن طريق البريد العادي. بعد طول انتظار وصلتها أخيرا رسالة من أحد أخوالها يخبرها فيها بأن أبويها توفيا منذ شهور اختناقا بالغاز. ولكم أن تتصوروا وقع الصدمة على البنت المسكينة التي فقدت بذلك خيط أمل كانت متمسكة به لآمد طويل وبفقدان والديها فقدت الأمل في الحياة كلها . لم يعد الحزن يفارقها ليلا ونهارا كانت العجوز الفرنسية تواسيها من حين اللى حين وتحاول زرع البسمة في وجه خادمتها  فتحاول نورة بدورها افتعال البسمة لكن دون جدوى. كانت العجوز تقول لها أن ما يخبئه لها المستقبل أفضل  وأنها ستجعل منها امرأة سعيدة لكن نورة تقول في نفسها هذا مجرد اهتراء وكلام وكفى.
مرت السنوات بطيئة في نظر نورة اعتادت على تحمل العذاب  النفسي الذي يمزق قلبها الجريح وساءت حالة العجوز فأدخلت المستشفى لتخرج منه أياما بعد ذلك جثة هامدة. ماتت من كانت تواسيها وتخفف عنها قليلا من الألام. فما العمل الأن ؟
العودة الى نقطة البداية. لا لم تعد تقدر على مزيد من الجراح،  عليها العودة الى أرض الوطن. بعد أسبوع عن وفاة العجوز طرق الباب فظنت نورة أن أهل الميتة جاؤا لاستلام المكان. حان وقت المغادرة. فتحت الباب فاذا برجل يحمل محفظة يطلب الدخول ويقدم نفسه على أنه الموثق . داخل البيت شرح لها أن العجوز أوصت بتركتها لخادمتها نورة. فأمضت واستلمت العقود. كان الأمر يتعلق بالمنزل وبرصيد من المال مودع بالبنك. بعد رحيل الرجل انزوت نورة في ركن بالبيت وبكت . لا تدري هل هي دموع الفرحة أم دموع في حق تلك العجوز الوفية.....
لما ركبت الطائرة المتوجهة الى الجزائر لم تكن نورة تعلم أن على متن  الطائرة  نفسها يرقد جثمان  زوجها الذي اغتالته عصابة أشرار . يــــــــــــا للعبــــــــــة  القــــــدر.  

تعودت عائلة العم محمود قضاء أوقات العطل بالريف وكانت تتحين كل مناسبة لزيارة الأهل  أين يقيم الجد شعبان والذي رغم بعده عن أولاده  لا يزال الرجل الآمر الناهي  والمتصرف في شؤون الأسرة ولذلك فلا يزال محمود يستشير والده في كل كبيرة و صغيرة. وقد جاءت  فرصة العطلة هذه المرة ليطرح الابن على أبيه فكرة  انشاء مقاولة بالشراكة مع أحد الأصدقاء. كان لمحمود بنت في العاشرة من العمر يقال لها هناء.وكثيرا ما كان جدها يقص عليها قصص "الغولة" التي تأكل لحم البشر.
ذات يوم لم تجد أم هناء من تبعث من أبناء الجيران لشراء الملح فأرسلت ابنتها على عجل موصية اياها بالأسراع. قائلة لها  خذي ما تبقى من النقود واشتري به حلوى لك. قصدت البنت المحل على عجل فاقتنت ما أوصت به أمها ولما همت بالخروج اعترضت سبيلها " العجوز "فطومة" وهي  امرأة يطلق عنها السكان اسم المهبولة" نظرا لتصرفاتها السيئة ازاء  الناس و الصرخات التي تطلقها من حين الى حين دون سبب.
حاولت هناء التهرب  بمراوغة العجوز يمينا وشمالا لكن فطومة" أمسكت بها فعلا صراخ البنت وسالت دموعها . تدخل صاحب المحل فباغتته "فطومة" بحجر كانت تحملها ومكنت تلك اللحظة الطفلة من  الفرار .
وصلت البنت البيت في حالة من الذعر والهلع وارتمت في حجر أمها تستغيث وتلتفت نحو الباب  عاد محمود من الحقل    فوجد ابنته على تلك الحال ولما سأل أخبرته الزوجة بأن البنت عادت  من الدكان  تبكي وترتجف
، وهما على تلك الحال فاذا بالباب الخارجي يطرق طرقا عنيفا أسرع الأب ليجد نفسه وجها لوجه مع " فطومة" .
حاولت "فطومة" الدخول بالقوة لكن محمودا دفعها الى الخارج وهو يصيح في وجهها – ماذا لاتريدين أيتها المجنونة ؟
هيا انصرفي قبل أن أقتلك وأخلص الناس من شرك. سمع الجيران  صراخ الأب فتجمعوا أمام الباب يتساءلون عن  السبب.
فعلموا من صاحب المحل الذي هرع بدوره لعين المكان ما جرى . ولما طلب الحاضرون من فطومة " التعقل" والانصراف أبت وطلبت باشارات فهم الجميع أنها تريد البنت هناء, لكن الأب قال أن ذلك من مستحيلا وهدد العجوز  بالضرب. واستمر الجدال  بين الناس فمنهم من رفض أن تخرج البنت لملاقاة "  المهبولة" ومنهم من ألح على محمود  احضار البنت ولا خوف عليها مادامت في حماية الجميع.
أخيرا اقتنع الأب بالطرح الثاني وأتى بابنته على مضض.
خرجت هناء ترتجف وبيدها حبات الحلوى وما أن رأت فطومة الحلوى بيد البنت حتى انقضت عليها لتأخذها منها وهي تصيح  فرحة مستبشرة– أخيرا وجدت القصاصة التي كانت تنقصني.  الأن  يمكنني الفوز بالجائزة الأولى في مسابقة ( بون بون) للحلويات....ههههههههها....

mercredi 21 octobre 2015

كان على الزوجين الحائرين في أمرهما التائهين والغارقين في مخاوف الفضيحة  والإذلال ومن دخول السجن البحث عن حل للمعضلة وبأقصى سرعة ممكنة . عادا إلى المدينة بعد أن فقدا الأمل في العثور على الحزام ، دخلا شقتهما متخفيين  وراحا يراجعان كافة الخيارات .
قال حسين – علينا شراء حزام للسيدة يشمل كل مواصفات الحزام الذي ضاع منك .
قالت صفية – هل تمزح ؟ من أين لنا بكل المال ؟
رد حسين – نبيع كل ما نملك . وعلينا الاستدانة من الأهل والأقارب .
سألت صفية – وهل يملك الأهل كل ذلك المال، أنا أدرى بحالهم.
أردف حسين – كما علينا الاقتراض من البنك أيضا حتى ولو كلفنا ذلك دفع فوائد  إضافية
وإذا لم نفعل فاعلمي أنك ستدخلين السجن بتهمة خيانة الأمانة. قبلت صفية مقترح زوجها، وبعد أيام جمعا ما استطاعا جمعه من مال الأقارب وحصل حسين على قرض من البنك بفوائد باهظة. فاشتريا حزاما بنفس الشكل والمواصفات  وأعادته صفية للسيدة الثرية التي لم تشك لحظة في الحزام  فحمدت الله على أن هداها وزوجها الى الكيفية المثلى والى الطريق السوي.
لكن ثقل الديون وما انجر عن القرض من فوائد ما انفكت تتضاعف شهرا بعد شهر أثقل كاهل الزوجين . فقرر حسين ترك الشقة  وتنقل مع زوجته للعيش بغرفة حقيرة بحي قصديري  هش. واضطرت صفية للخروج للعمل خادمة بأحد البيوت. أما حسين فكان يعمل بالنهار نادلا بالمقهى وحارسا بورشة للبناء بالليل. وظلا على هذه الحال مدة عشر سنوات  ذاقا خلالها مرارة العيش بكل أوصافه. ماتت خلالها أحلام الطفولة والشباب وضاع فيها طموح خريجي الجامعة وتلاشى واندثر.
ذات يوم ذهبت صفية للسوق لشراء ما تحتاجه سيدتها من خضر فلمحت عيناها جارتها القديمة السيدة الثرية فحاولت تجاهلها  مبتعدة عن طريقها لكن السيدة أبصرت صفية فلحقت بها  لتسألها، بعد تردد – هل أنت صفية ؟
ردت صفية  بنعم . فتعجبت السيدة لما آل إليه حال صفية وسألتها – لكنك تبدين نحيلة ، ما هذا الثياب الرث؟ وما هذا الفقر المدقع الذي تعيشينه ؟، ماذا جرى ؟ أين ذهب  ذلك الجمال وتلك الأناقة ؟ ولماذا اختفيت وزوجك فجأة ؟
تنهدت صفية ثم سألت السيدة – أتذكرين يا سيدتي ذلك الحزام الذهبي الذي استعرته منك ذات مرة ؟ لقد ضاع مني في ذلك الحفل بالذات فاضطررنا للاقتراض بفوائد ربوية كي نتمكن من شراء حزام  جديد لك . وما زلنا إلى اليوم نسدد الديون التي على عاتقنا.

صاحت السيدة على الفور –  لا حول ولا قوة إلا بالله، لماذا لم تخبريني ، لقد كان عقدا مقلدا  لا يساوي بضع دينارات.......

كان معلم المدرسة الابتدائية بالقرية الجبلية  معجبا كثيرا بتلاميذه  وكان معجبا أكثر بالطفلين حسين و صفية  لأنهما كانا من أحسن الطلبة سلوكا ونشاطا ولذلك كان دوما يفاخر يهما زملاءهما ويقول عنهما أنهما سيكون لهما شأن في المستقبل . بعد نجاحه انتقل حسين للدراسة بالمدينة بينما فضل أبو صفية الرحيل إلى مدينة سطيف للعمل هناك  ورافقته أسرته حيث  التحقت صفية بدورها بالتعليم المتوسط.
كبر حسين وكبر معه طموحه  في اعتلاء أعلى سلم  الطبقة الاجتماعية ونجح في إكمال تعليمه الجامعي  ليتخرج برتبة أستاذ التعليم الثانوي. وبقي يتحن فرصة التوظيف والتي طال أمدها. وشاءت الصدف أن يلتقي مجددا بصفية زميلته بالتعليم الابتدائي  بالقرية الجبلية. ونشأت بين الطرفين مودة ومحبة انتهت بزواجهما. ولأنهما ألفا حياة المدينة فقد استقر بهما الرأي على الإقامة بها. ولتلبية ما تتطلبه الأسرة من نفقات فقد لجأ حسين للعمل مؤقتا نادلا بإحدى المقاهي بينما اكتفت صفية بالمكوث بالبيت في انتظار أيام أحسن وفي انتظار أن يفتح الله لهما باب الشغل  ليكملا حلمهما في العمل بالإدارة أو بسلك التعليم.
بالحي الذي سكنا فيه تعرفت صفية على سيدة ثرية  لطيفة المعشر. في يوم من الأيام دعي حسين وزوجته لحضور عرس أحد الأقارب بالقرية الجبلية . ولكي تتزين وتتجمل ارتأت صفية أن تستعير من جارتها الثرية  حزاما مرصعا بالذهب . فلم تتوان السيدة اللطيفة في الاستجابة للطلب راجية من صفية المحافظة على الحزام واعادته فور رجوعها من العرس.
أقيم الحفـل وحضر المدعوون  بكثافة من رجال ونساء وحتى الأطفال فاكتظت بهم القاعة . ورقصت النسوة على وقع الأغاني البدوية وعلت الزغاريد وفي خضم ذلك الهرج لم تنتبه صفية  أن الحزام ضاع منها إلا بعد أن انتهى الحفل والصخب . أصيبت بهلع شديد وجاشت بالبكاء وسألت عنه كل من حضر لكن لا عينا رأت . رجعت صفية وحسين إلى المدينة يجران خيبة لا تضاهيها خيبة  وهما يفكران في ردة فعل السيدة الثرية حينما تعلم بالأمروبأي وجه سيقابلانها وماذا سيقولان لها ......( يتبع)....

mardi 29 septembre 2015

  ·       بعد وفاة والدها بسنة انتقلت فاطمة رفقة إحدى أخواتها إلى الريف  حيث ورثت عن أمها المتوفية بيتا كبيرا تآكلت جدرانه بفعل الطبيعة والقدم،  لا يبعد عن إحدى المقابر المهجورة منذ عقود الا مسافة قليلة.حاولت المرأتان إصلاح ما استطاعتا إصلاحه من البيت لتجعلاه أكثر ملاءمة للعيش. لكن شيئا ما كان يراودهما وينغص عيشتهما وهو شعورهما بالقلق والخوف من هذا المكان الموحش البعيد عن كل حركة وعن الطريق العمومية،  حيث وجدتا نفسيهما في عزلة تامة عن العالم الخارجي. وكانتا تمنيان النفس بأنهما ستتعودان ويذهب عنهما هذا الإحساس الغريب. لكن الخوف ما انفك يتزايد خاصة بعد أن لاحظت الأختان حدوث أمور قي غاية الغرابة زادت من خوفهما وجعلتهما تترصدان كل حركة تحدث بالبيت ولا تطمئنان لحالهما .وبالفعل فقد بدأت الأحداث تتسارع  باختفاء  أشياء من مواضيعها وظهور أشياء من المتاع كالملابس والأواني في أماكن لم تكن موضوعة فيها. وكانت هناك غرفة بالطابق العلوي مغلقة على مدار العام وشاغرة إلا من خزانة مغلقة  يعود تاريخ اقتنائها الى قرن أو ما يزيد. وقد حاولت الشقيقتان في كثير من المرات فتحها لكنهما لم تفلحا في ذلك أبدا. وكانت أرضية الغرفة تنغمربالمياه دون وجود حنفيات أو أي مصدر ماءي بين.


·       ذات ليلة من ليالي الشتاء الباردة الممطرة وبينما كانت الأختان تغوصان في النوم سمعت احداهما بابا يفتح ويغلق عدة مرات متتالية فنهضت من فراشها وتوجهت الى حيث مصدر الصوت فانتقل الصوت الى باب الحمام  ولمحت من خلال الباب  النور مضاء، فأطفأت المصباح وعادت للنوم وفي الغد سألت شقيقتها ان كانت قد دخلت الحمام البارحة وتركت النور يضيء لكن أختها ردت عليها بالنفي القاطع وأنها سمعت الصوت ولكن النعاس غلبها . بعد أيام تكرر المشهد الغريب فبينما كانت فاطمة بالمطبخ تساقطت عليها قطرات ماء من السقف مع أن الذي يعلو المطبخ في الطابق الثاني غرفة نوم مغلقة وليست حماما . وذات مرة سمعت  دويا مريبا آت من الطابق السفلي أشبه ما يكون بصوت سقوط جدار، فهرعت ترتجف فتفاجأت بوجود كل شيء في مكانه، وعندما عادت إلى الأعلى سمعت نفس الدوى ولكن هذه المرة عم المبنى كله فظنت أنه زلزال فجرت نحو الخارج. لكن أختها التي كانت خارج الدار ضحكت من تصرفها وقالت لها أن شيئا لم يحدث بالخارج. في إحدى الليالي وبينما كانت نائمة أحست كأن شخصا يرقد بجانبها وشعرت بحرارة جسده يلامس جسدها  و بتنفس قرب وجهها ،فقفزت من السرير وهربت  لتختبئ بين أحضان أختها النائمة في سريرها .
ولما توالت تلك الأحداث الغريبة قررت الشقيقتان ترك المنزل المثير للمخاوف . بعد مرور عشر سنوات عادت الأختان مع بعض الصديقات إلى المبنى فأقمن به إلى غاية المساء. طافت النساء بداخل البيت ورأين الخزانة العجيبة ولما علمن "بمشكلتها"  حاولن مجتمعات فتحها لكن دون جدوى ،فامتنعن عن مواصلة العملية ولما عدن من تناول الغداء من المطبخ وجدن باب الخزانة مفتوحا على مصراعيه مما زاد من مخاوف الضيفات .بعد ذلك بنصف ساعة  نزلت فاطمة وصديقتان ممن حضرن وتوجهن الى الطابق السفلي بينما بقيت شقيقتها رفقة باقي الزائرات خارج البيت . وما أن وضعت النسوة أقدامهن بالمكان حتى انغلق الباب خلفهن محدثا صوتا قويا. اقشعر بدنهن وحاولن الخروج  مسرعات لكن الباب كان موصدا بإحكام. أخذن يصحن حتى سمعتهن اللواتي كن بالخارج فكسرن الباب وأخرجنهن،اجتمع رأي الجميع على ضرورة مغادرة المكان على الفور  ففررن بجلودهن دون أدنى التفاتة وهن يلعن هذا المكان المرعب.ويقسمن مضطربات بعدم العودة  الى هذه المنطقة مطلقا.

dimanche 27 septembre 2015

                                               كبش العيد لليوم السعيد  ولمن يقدر أن يدفع المزيد.....
                                              غلاء المعيشة والعجز عن الانفاق 

lundi 21 septembre 2015

العلم في  عهد بني وي وي
في الغد، حضرت المدرسات قبل الوقت بكثير ومع كل واحدة مبلغ 500دج.وضعت الأولى النقود على المكتب فنظرت اليها المديرة ثم أخذت ورقة الخمسمئة ورمتها في حقيبتها وتقدمت الثانية ثم الثالثة حتى العاشرة واستمرت المديرة تأخذ المال والنسوة تحمدن الله على "سلامتهن"،ولما جاء الدور على المربية ال11 ترددت المديرة في أخذ المبلغ فاصفر وجه المعلمة وقالت – ان لم تكفيك أضع ورقة1000دج .أخذت المديرة الورقة أخيرا فتنفست السيدة الصعداء.  وواصلت المديرة " اللعبة" وواصلت النسوة ضخ المال الى غاية المرأة ال23.لم تبق سوى معلمة تغيبت لمرض مفاجئ .فظن جميعن أنها صاحبة الحظ السئ، فاتصلن بها يستعجلنها القدوم متذرعات بأن المديرة رفضت الافصاح عن اسم الرجل الا اذا حضرت كل المعلمات. فجاءت على الفور تجر قدميها متعبة و مرهقة من التفكير في       " القضية" التي أرقتها وزميلاتها.واتجهت الأنظار صوبها ، نظرات كلها شفقة لأنها هي الوحيدة التي لا تزال محل " معاينة".وضعت المرأة ورقة ال500دج فأخذتها المديرة وضمتها الى باقي النقود.ثم قالت – هل هناك من لم أخذ منها المال ؟ قلن – لا... قالت – أعلمكن أنني لازلت في حالة عزوبة ولم أخذ منكن أزواجكن، بل أخذ ت مالكن أجهز به المدرسة  فتكنن في عيون الناس مثالا يحتذى به بباقي المؤسسات التربوية. شكرا على مساهمتكن.لم تجد المدرسات ما تقلن ، الا أنهن فرحن ببقاء أزواجهن في "أحضانهن".وذلك هو المهم.
قد يكون لسوء حظي أو لحسنه أن عينت بإحدى المدارس الابتدائية التي تديرها امرأة وجميع عمال سلك التعليم فيها من الجنس اللطيف . كنت خجولا ومنزويا على نفسي حتى لا يقال عني مغازل أو معاكس لزميلاتي الفضليات. مديرة المدرسة من النساء الشديدات والمثابرات لا فرق لديها بين الرجل والمرأة إلا في العمل والانضباط، تجاوز عمرها الثلاثين ولسوء حظها لم تظفر على عكس جميع زميلاتها المعلمات برجل إلى حد الآن.ولعل ذلك ما دفعها إلى الأنتقام منا جميعا . ذات يوم تغيبت المديرة العزباء عن المدرسة أسبوعا كاملا وحين عادت بادرتها النسوة بالسؤال عن السبب وقابلنها بتحيات المودة والسلامة من كل سوء.
ردت عليهن المديرة أنها بكل خير وأنها أخذت عطلة لإقامة حفل زواجها. ردت المعلمات فرحات، مباركات ثم سألن – ومن يكون صاحب الحظ السعيد ؟ قالت لهن – لا بد أن أكون صريحة معكن، لقد تزوجت واحدا من أزواجكن.فأصيبت المعلمات بدهشة كبيرة وبدا على وجوههن علامات الخوف والقلق، ولكنهن تماسكن وقلن للمديرة – أخبريني رجل من منا؟

قالت المديرة – لا أستطيع مواجهة ضرتي أمامكن. لكن النسوة رفضت مغادرة المكتب والالتحاق بأقسامهن إلا إذا عرفن اسم "الخائن".وأمام إلحاحهن قالت المديرة لهن – لدي طريقة لكشف اسم الزوج وسوف أدلي به بطريقتي الخاصة, غدا تحضر كل واحدة منكن مبلغ 500دج وتضعها على المكتب. والتي أخذ مالها تكون غير معنية وزوجها لها لوحدها.أما التي أترك مالها على المكتب فتكون هي المعنية.قبلت المربيات بالفكرة وعادت لهن الروح  من جديد في انتظار يوم جديد قد يخبئ من الأسرار ما يخبئ .المهم أن المعلمات المسكينات غادرن المدرسة على أحر من الجمر لفتح تحقيق مع أزواجهن والاطمئنان قبل بزوغ فجر يوم جديد. الشيء المؤكد أن النسوة قضين ليلة بيضاء لا تنسى وأن أزواجهن خضعوا للتحقيق كامل تلك الليلة.في انتظار معرفة الحقيقة يوم الغد.( تابعوا البقية)

كبش العيد ابان الحقبة الاستعمارية للجزائر

المرأة الجزائرية  أنوثة وجمـــال و ستر وحيــاء
المرأة


إضافة تسمية توضيحية
التربية في زمننا




 كان ذات مرةٍ يسير بمحاذاةِ بركةٍ جميلة ٍجدا , وكان حزيناً مشغول البال ِ, فقد افترقَ عن صديقهِ العزيز الذي كانَ أيضا لصاً مثله في عملية ِسرقةِ منزلِ حيثُ تم القبضُ عليهِ و حكمَ عليهِ بالسجنِ , وكان يفكرُ في طريقةٍ للانتقام لصديقهِ
و هو كذلك وجدَ مقعداً و فجلس يتأمل جمالَ البركةِ , وتاه في التفكير ولم ينتبه الا بسماع شخص
يحدثهُ , (كانت امرأة ) , قالت له : لو سمحت , هل تملكُ هاتفًا ؟ إن شحنَ هاتفي قد انتهى ويجب علي القيامَ بمكالمةٍ هاتفية ٍفوراً , هل تستطيع مساعدتي
فقالَ اللصُ و هو ينظرُ إليها : نعم , بالطبع تفضلي
تكلمتْ المرأةُ مع شخصِ كلامً غير واضحٍ , ولكنه أدركَ بأنها كانت غاضبة من ذلك الشخصِ فقد كانت تررد: " ما دخلي بحادثة ِالسرقةِ ؟" . عندما انتهت , قال لها : إذا كنت لا تمانعين بالسؤال , لماذا كنت غاضبة و مع من كنت تتكلمين؟ 
قالت له : لا , بالطبع لا أُمانع . إنهُ زوجي السابق, و قد حدثت عمليةُ سرقة في منزلهِ الأسبوعَ الماضي , وللأسف الشديد هربَ اللصوصُ حاملينَ معهم المجوهرات و الأغراضِ الثمينة ِ , ولكن كانَ هناك لصٌ واحدٌ لمْ يستطعْ الهربَ فقد كانَ يحاولُ إخراجَ صندوق خشبي كبيرً فاعتقلته الشرطة 
فقالَ اللصُ : وما ذنبك في هذا كلهِ ؟ 
فقالت : كنت عنده في نفسِ الليلة التي تمت فيها السرقة فقد دعاني لمنزلهِ ؛ لتناول العشاء وترتيب بعضِ الأمور , و الآن هو يتهمني بأنني السببُ بل طرفا في حادثةِ السرقةِ. 
لقد تفاجأ اللصُ ؛ لأن اللصَ في روايةِ المرأةِ ما هو الا صديقهُ .
قالَ اللصُ : لقد قلت بأنَ الشرطة اعتقلت لصاً من اللصوصِ عندما كانَ يحاولُ إخراجَ صندوق خشبي كبير , هل لديك ِ أية فكرة عن محتوى الصندوقِ؟ فقالت : لا , و لكنني تعجبتُ مثلكَ , وسألتُ زوجي السابق عن الأمرِ,  لكنهُ رفضَ إخباري بل كانَ متوتراً جداً 
بعدَ لحظاتٍ , غادرتْ المرأةُ , لتقابلَ زوجها السابق ( السيد جمال )و  قامَ اللصُ باللحاقِ بها و عندما وصلتْ منزلَ السيدِ جمال رآهما يتحدثان والغضب باد  عليهما , تحادثا قليلاً ثم انصرفا على متن السيارة.
قامَ اللصُ بالإطلاعِ على المنزلِ منَ الخارجِ ـ كانَ منزلاً عادياً جداً ـ ثم حاول النظرَ إليهِ منَ الداخلِ و لكنهُ لم يستطع بسبب وجود طفلين يلعبان الكرة. بقي يفكر في حيلة للتسلل داخل البيت.وفي تلك الأثناء قذف أحد الطفلين الكرة فعلت وسقطت بحديقة السيد (جمال). 
قالَ الطفلُ الأولُ : هيا بسرعة قبل أن يعود السيدُ جمال من السفر. قالَ الطفلُ الثاني : ولذلك لم أعد أسمع صوته يتعالى في أرجاء الحي ؟ قالَ الطفلُ الأولُ: رأيتهُ قبلَ أسبوعين خارجاً من سيارتهِ حاملاً صندوقاً خشبياً كبيراً , فسألتهُ ان كان يحتاج الى مساعدة  لكنه غضب غضبَا شديدا ً و صرخَ في وجهي.  
تعجبَ اللصُ و زاد فضوله  وأراد معرفة محتوى الصندوق أكثرَ من أي وقتٍ مضى , لذا قررَ اللصُ التخطيطَ  لدخولِ المنزلِ ,وأمهل نفسه أسبوعا كي يتمكن من مراقبَة السيد جمال  أوقاتِ دخوله وخروجهِ.
لاحظَ اللصُ بأنَ السيد جمال يخرج دائماً من منزلهِ يوم السبت في تمام الساعة التاسعة و خمسِ دقائقٍ مساء , و قبل خروجه كانَ يتفقدُ الصندوقَ الخشبي الذي وضعه في غرفةِ نومهِ . فكانَ موعدهُ السبت , وعندما حانَ الوقتُ ذهبَ اللصُ إلى الموقعِ و شاهدَ خروج  جمال من منزلهِ في تمامِ الساعةِ التاسعةِ و خمسِ دقائقٍ مساء, بعدِ تأكدِ اللصُ من رحيلِ السبد ِجمال , دخلَ إلى المنزلِ بحذرٍ بعد أن قام بكسرِ قفلِ البابِ , وتوجه بسرعةٍ إلى غرفةِ نومِ جمال فرأى الصندوقَ الخشبي الكبيرَ ,  بحث عن أداةً تمكنه من كسر القفل ثم قامَ بقطعه بواسطتها , ولما فتحَ  الصندوقَ وجدَ بعض المال و أوراقا , فتعجبَ اللصُ  لأن هذه الأغراضَ  لم تكن ذات قيمة كبيرة يخافَ المرءُ أن تكتشف. إن في الأمر خدعة, وبعدَ تفكيرٍ عميقٍ توصلَ اللصُ إلى أن الصندوقَ الخشبي كبير وما رآه إلا جزءا صغيرا منه , اهتدى اللص الى أن السيد جمال كانَ يخرج من منزلهِ الساعةِ التاسعةِ وخمسِ دقائقِ مساء , وكانَ قبلَ أن يخرجَ من منزلهِ يتفقدَ الصندوقَ الخشبي الكبير فكانَ يحتاج إلى خمسِ 
دقائقِ ؛ لفتحِ الصندوقِ و تفقدهِ و هذا أمر عجيب؛ فاللصُ فتحَ الصندوقَ في غضونِ لحظاتٍ باستخدام أداتهِ و كانَ جمال يستطيع فتحَ الصندوقَ باستخدام مفتاح في ظرف وجيز بكثير،ان أراد ذلك فلماذا يستغرق وقتا أطول. 
أزالَ اللصُ الأغراض ووجدَ قطعةَ خشبية مسطحة تفصل الصندوق الى نصفين علوي وسفليٍ فطرقَ عليها و صدرَ صوت (صدى) فاستدلَ اللصُ على أنَ تحتَ هذه الخشبة يوجد مساحة أخرى وهي الجزء الآخر من الصندوقَ . فأزالَ اللصُ الخشبةَ بصعوبة ـ وهذا ما كان يفعلهُ السيد جمال و الذي كان يستغرقُ منه خمس دقائق 
انتظرَ اللصُ عودةً الرجل ولما رآه قادما اتصلَ  بالشرطةِ فوراً .
دخلَ صاحب البيت منزلهِ فوجدَ الرجل  أمامهُ .أخبر اللص الرجل بكل شئٍ , فغضبَ جمال كثيراً وقال: هيا اخرجْ من منزلي قبل أن اتصلَ بالشرطة . قالَ اللصُ : لا يوجد داعٍ لقد أخبرتهم وهم قادمون...
دخلتْ الشرطةُ إلى المنزل ِ فقامَ اللصُ و قال : يا سيدي الشرطي إن هذا الشخص قامَ بسرقةِ التاج الذهبي
المرصع بالألماس الذي سُرقَ قبلَ أربعةِ أسابيعِ من البنكِ المركزي , ووضع التاج في الصندوقِ الخشبي الكبير الذي يحتوي على جزأين , ووضعَ في الجزء السفلي التاج , وفي الجزء العلوي فوضع الأموال و الأوراق للتمويه ,وأما صديقي الذي اتًهمَ بسرقةِ الصندوقَ الخشبي الكبير فما كانَ يريد إلا أن يعيد التاج الذهبي و لكنه لم يستطع فتح الصندوق فأخرجه معه ولسوء حظه تم القبضُ عليهِ  متلبسا بتهمة  السرقة 
أنكر جمال كل التهم الموجهة إليه، فاستدار الشرطي نحو اللص وقال - 
هل لديك دليل على صحةِ كلامك ؟ اللص: نعم , إن التاجَ في الصندوقِ الخشبيِ الذي أمامكم , و صديقي محجوز عندكم فقوموا بسؤاله , ثم أن هناكَ طفلا صغيرا شاهد السيد جمال يخرج الصندوق الخشبي الكبير من سيارتهِ بعد مدة قليلة عن التوقيت الذي سرق فيه التاج ، وهو جاهز للشهادة متى شئتم استجوابه. 
بعد التحقيقات تم التأكد من صحةِ كلامِ اللصِ فحكمَ على جمال بالسجنِ مدةًليست بالقصيرة, وتم الإفراج عن صديقِ اللصِ , وتمت مكافأة اللصين بمبلغِ كبيرٍ جداً ؛ لجهودهما في البحث عن الحقيقة ِ , فقرر الأثنان الكف عن مزاولة السرقة  وعاشا سعيدين بالمال المحصل عليه من المكافأة التي منحها اياهما البنك المركزي.

dimanche 20 septembre 2015

كان الصيف في أشد حرارته، حيث بدأ الكثير يخطط  للسفر والراحة لتجديد طاقة تبددت، فيما تهيأت عائلات وتحيّنت الفرصة وراحت ترتّب لمراسيم وحفلات زفاف أبنائها وبناتها.


 كانت عائلة “ريم” ترتب بدورها لزفاف شقيقها الصغير.. بدأت الدعوات تصل الأقارب والأهل والجيران، واقترب موعد العرس، ولم تتبق إلا أياما قليلة. كانت سعيدة للغاية وكأنه يوم عرسها، وكانت تتحدث عن شقيقها كثيرا، ودون توقف، وتتشوق لليوم الموعود، يوم فرحه، فهي من اعتنت به وهو صغير، وكفلته وتكفّلت به، وأحاطته بحنان وكأنها والدته، وتهيأت وتزينت ولبست الجميل، وتعطّرت، ووضعت الحناء في يديها ويدي ابنتيها الملاكين، ودقت الطبول، وبدأ الناس يتوافدون لحضور الفرح
وفي لحظة خلوة وصمت هادئ، وهي تتفرج في المرآة وترتّب نفسها، عاد شريط زواجها فجأة وتبدّلت مسرتها وعلاها حزن غير محسوب، وراحت تسبح في تاريخ ذكرياتها الأولى، حتى سكنت كل حركة فيها وحدقت بحدة في صورتها وكأن الزمن توقف

تذكرت يوم طارت فرحا حين تقدم شاب طويل القامة، وسيم الملمح صبوح الوجه، يطلب يدها من أهلها. كانت فكرة الزواج صعبة القبول من عائلتها، فهي لا تعرف عنه شيئا وهو الغريب عن بلدتها، حيث تعرفت عليه حديثا، حينما زار مكتبها المتواضع في الهندسة والبناء للسؤال والاستشارة، مقدما نفسه على أنه صاحب مؤسسة في البناء.. تكررت الزيارة، وربطتهما علاقة تولدت عن عمل بينهما، واتفقا سريعا على الزواج، ولم يتأخر في قصد عائلتها وطلبها رسميا. كانت العائلة ترغب في زواج من قريب تعرفه، لكن القدر فعل سحره، واختارت هي، واختار هو شريكته الحسناء، وتم الزفاف... 
مرت الأيام ورزقا بابنتهما الأولى، ثم ببنت ثانية.. كانتا ملاكين كالبدر، لكن فرحتهما بصغيرتيهما لم تكتمل، وبدأت  المشاكل تطفو، وتعقدت حياتهما يوما بعد يوم.. كثر الشجار من جانب واحد، ظهرت حقيقة لم تكن لتعالج ببساطة؛ اكتشفت الزوجة الحسناء أن زوجها خدعها وكذب عليها، حينما ادّعى أنه صاحب مقاولة، وطلب منها التوقف عن العمل ففعلت، لكن حقيقته لم تزد على أنه  (مساعد بنّاء).. ليس هذا فقط بل كان يقيم معها في مسكن والديها، وأحيانا لا يعمل ويظل مرابطا في غرفته لا يخرج أبدا، وكان ذلك يزيد في غضبها  وثورتها، لتبدأ في شتمه ولا تتوقف إلا بعد أن تتعب. والمصيبة أن فارس الأحلام كان يكتم ولا يرد إطلاقا، ويلتزم صمتا عميقا، وينسحب من ميدان المعركة دون مواجهة.

لم تتحسن العشرة بين الزوجين، ولم يكن الجميع راض عن حياتهما، ووجدت الزوجة سندا وحمية من عائلتها ضد زوجها، وهم من كانوا سابقا يعارضون ويعترضون على مشروع زواجها من غريب لا يعرفون فصله من أصله، وفقدت الزوجة الضحية كل آمالها في من كانت تراه “قيس” وتحسب أنها “ليلى” زمانها، فاستسلمت للوساوس ولنفسيتها المنهارة، واستجمعت كل ما لديها من قوة وواجهته بطلب ربما لم يكن يتوقعه، فراحت تقول بملء فمها: “أريد الطلاق، وأطلب منك أن تترك بيتنا وترحل”.. نزل الكلام باردا كالثلج على مسامعه، شعر بإهانة كبيرة، ووجد نفسه في مشهد درامي لوحده.. الجميع كان يختلف معه ويوافقون ابنتهم، وضاقت بين عينيه الدنيا ولم يتحمّل، لكنه كتم مثل كل مرة ولم يُجب، فيما هي بقيت تُصرّ وتُلحّ كلما قابلته أن يعتقها ويعتق ابنتيهما من كذبته. وطال الحال ولم يستقم

أقبل الجميع يفرح بزفاف شقيق الزوجة تعيسة الحظ؛ كانت السعادة تغمرها، استعدت ليوم العرس وكأنه يوم فرحها، فتجملت ولبست أحسن ما لديها من هندام، وتغيرت ملامحها، وظهر بريق من النور على محياها، وارتسمت عليها ابتسامة لطالما غابت عنها، وهي وسط كل تلك المسرة والفرحة يأتيها اتصال هاتفي من زوجها يطلبها في عجلة.. تسللت بعد أن استأذنت والدتها وأخذت معها صغيرتيها الملاكين.. لم يكن المسكن بعيدا. وجدته ينتظرها وما هي إلا ثوان حتى تشاحنا وارتفع صوتها، وعاودت طلبها على مسامعه “طلقني.. طلقني، لم أعد أطيق الحياة معك”.. كان كعادته ساكنا في ظاهره، لكن بركانا من الثورة والهواجس بدأت بداخله تطفو وتسري في دمه وعروقه، وهي توجه إليه كلاما اعتبره مهينا وجارحا، لتجد نفسها بين يديه مثل الدمية، يصنع بها ما يريد، دون أن تقدر على مقاومته والدفاع عن نفسها، وتسارعت دقات قلبيهما ليتوقف كل شيء بينهما 

وفي لحظة زمن سريعة جدا، حمل سكينا وأسقطها أرضا بعنف شديد، ووضع رأسها على ركبته .. حاولت الإفلات من بين يديه وهي تقاوم وتصرخ، ولكنها أحست بشلل في جسمها أعجزها، وشعرت بنهايتها تقترب.. أما هو، فلم يكن يسمع إلا صوتا باطنيا يهتف ويدفع به ويأمره بالتخلص منها ومن لسانها.. لم يعد يحتمل نقدها وهي تعيّره صباح كل يوم ومساءه، .. بقي يحدق فيها دون رمش وهي تصرخ، لكنه لم يكن يسمع شيئا، وما هي إلا ثوان حتى توقف كل شيء، وأفلتت يدها قميصه وسقطت أرضا.. قبّل جبينها وطرحها بهدوء وفي رفق، وكأنه يضع شيئا من زجاج ويخاف أن يتحطم أو يهشّم.. نهض ولما استدار رأى صغيرتيه مسمّرتين نحو جثة والدتهما، وقد تجمدت كل حركة بجسميهما الضعيف، وهما الشاهدتان غير المدركتين لما حصل.. أخذ بيديهما وهو لا يتكلم، وخرج في هدوء تام، ورافقهما إلى مكان العرس، وغادر ليسلّم نفسه لمصالح الأمن، ويبلغ عن جريمة هو فاعلها.

لم يجد قاضي محكمة الجنايات والقاضي المحقق من صعوبات في فك طلاسم الجريمة تلك.. كان الزوج مدركا لكل فعل قام به، واختصر التحري والتحقيق فاعترف بكل شيء، كعادته، في هدوء تام. لم يعقّد من البحث عن الحقيقة الكاملة، فنطق القاضي بأنه محكوم عليه بالإعدام. 
كان الزوج المتهم ساكنا ينتظر الحكم دون أن يتأثر أو يفاجأ إطلاقا، رافق الشرطي إلى سجنه، وأطلق، وهو يسير مقيّدا، نظرات شفقة طويلة إلى والد زوجته الضحية، وكأنه أراد أن يقول له: "اعتن بصغيرتي الملاكين.. فأنا لن أعود.".


وبدأ بنزع ملابسها الخارجية ثم الداخلية... وبهت الجميع؟ نعم .. كانت الخادمة  هي التي تخرج .وبعد أن استرجع الناس أنفاسهم واستعادوا هدوءهم بعد هول المنظر الجريئ ،قال له صاحب المقهى : لماذا نزعت ثيابها هنا على مرأى ومسمع من الجمع؟ فقال الزوج بارتياح تام  : لأنني لو ذهبت بها الي البيت لقلتم ... انني سوف أغطي علي زوجتي ولن أفضحها، وقد بينت لكم الحقيقة لأنني أثق بزوجتي ثقة عمياء  .                                             كانت الزوجة المسكينة ( المظلومة) تنام بعد صلاة العشاء مباشرة، وهي الفرصة التي تستغلها الخادمة في الاتصالات وضرب المواعيد. حمدا لله أنها كانت نهاية مشرفة لزوجة صالحة وزوج شريف..
 وبعد أسبوع سافر صاحبنا ، وإذا كل يوم زوجته تخرج. ومع سيارة غير الثانية .. وكل يوم بسيارة!! فغضب صاحب المقهى وكذا الشباب. فرطوا في لعب الورق والدومينو وصار همهم متى تطلع المرأة وراح الجميع ينتظربأعصاب مشدودة عودة الزوج المسكين.   ورجع ..وفي اليوم التالي  ناداه صاحب المقهى وقال له : يا أخي انت عامل .. والله يعينك في وظيفتك .. لكن عندي نصيحة .. وهي انك مادام الله لم يرزقك بعد بمولود من زوجتك فالأجدر بك أن تطلقها .. فترتاح وتريحنا..!!! فقال صاحبنا :أفهم أن في الأمر سرا خفيا؟ فقص عليه القصة كلها . وقال له أيضا : يا أخي طلقها واستر عليها .. خاصة أهلها بالريف لا تخبرهم بالسببفان من عاداتهم قتل الزانية ،طلقها وبنات الحي كلهن تحت أمرك. وأنك لعندي بمثابة الأخ العزيز وإلا ما تجرأت على إخبارك بالموضوع. .. فرد صاحبنا وهو  غاضب : .. الله أعلم بما فيه خير.وانصرف إلى بيته. وفي اليوم الثاني  نادي زوجته وقال لها : اليوم عندي رحلة جهزي حقيبتي ..!! فحملها .. وركب سيارته .. وذهب الي آخر الشارع منتظرا خروج زوجته !!! بينما اجتمع الشباب كعادتهم يراقبون وينظرون الى ما سيفعل الزوج المخدوع. في تمام الساعة الواحدة بعد منتصف الليل إذا بسيارة تقترب من سيارة صاحبنا فينزل الزوج ويشبع صاحب المركبة ضربا حتى يكاد ولولا هروب السائق للقي في تلك حتفه ثم مكث متخفيا ينتظر على أحر من الجمر خروج الزوجه وها هي تخرج بكامل زينتها .... وفي آخر الشارع، بمكان مظلم قليلا، حيث الإنارة ضعيفة تقدمت الزوجة من السيارة..سيارة الزوج.. وما إن اقتربت كثيرا حتى عرفته فأدارت ظهرها عنه تريد العودة ..لكنه كان أسرع فباغتها ودفعها داخل السيارة لينطلق بها الى المقهى حيث تجمع الناس ينتظرون بشغف نهاية المأساة، ثم رماها على الأرض أمامهم. نزل وهو يقول : سأعريها من ثيابها مثل ما فضحتني .. وعرتني .. أما الحضور فمنهم من فر في استحياء ، ومنهم من  قام يسب ، ويشتم.....(يتبع)
 بعد جهد تمكن عمار من الحصول على عمل بالبحرية. بعد عامين من الشغل جمع فيهما مبلغا من المال يكفيه للتفكير في الزواج وتكوين بيت أسري شأنه شأن أبناء  الأعمام والجيران.فاختار له والداه فتاة من أحد أقربائه بالريف. وبما أن شغله يقتضي الحضور يوميا فقد اضطر الى الرحيل وزجته الى المدينة البحرية حيث اكترى شقة .ونظرا لطبيعة عمله فقد كان يغيب عن البيت يوما أو يومين.وبسسب الخوف على زوجته من الوحشة ومن أجل أن تساعدها في شؤؤن البيت استقدم الزوج خادمة وآواها ببيته.بالقرب من منزله على الرصيف المقابل كانت هناك مقهى يسهر بها الشباب الى ساعة متأخرة من الليل. ذات ليلة وبينما هو غائب عن البيت شاهد مرتادو المقهى امرأة تخرج من البيت بعد منتصف الليل متسترة بلباس يغطي كامل جسدها ووجهها، فدهش الشباب   واستغربوا الأمر. كيف لأمرأة أن تخرج لوحدها في مثل هذا الوقت من الليل، كما تعجبوا من طريقة مشيها. ومن باب الفضول تتبع أحدهم المرأة الى غاية مفترق الطرق أين لاحظ وجود سيارة في انتظارها حيث أشار لها السائق بضوء المصباح الأمامي فأسرعت وركبت بالمركبة التي انطلقت على الفور في الظلام الدامس.عاد الرجل وقص على رفقائه ما شهده فما زادهم ذلك إلا استغرابا  لأنهم كانوا يعرفون الشاب صاحب البيت ويعرفون أن أصهاره من أناس شرفاء.قال أحدهم – ربما يكون أخوها أو أحد أقاربها. فلا تظنوا بها سوء,فان بعض الظن إثم.مضت أيام،تحصل الزوج على يوم راحة فخرج من بيته وقصد المقهى .جلس يترشف فنجان قهوة فاقترب منه أحد الشباب ممن يعرفهم وبعد أخذ ورد طرح الشاب السؤال على الزوج- هل لزوجتك أخوان هنا أو أقارب؟ فرد الزوج – لا، لا أحد جميع أهلها يقيمون بالريف على بعد عشرات الكيلومترات.ولكن لماذا هذا السؤال؟ قال الشاب أردت فقط أن أعرف( يتبع).....

mercredi 16 septembre 2015


اتخذت جدتي من ركن في فناء بيتنا بالريف خما للدجاج آوت بداخله ديكا و أربع دجاجات فأما الجاجات فكانت تبيض كل يوم بيضا بعضا منه موجه  للأكل مقليا أو مشويا وبعضه تجمع منه جدتي عددا هائلا حتى اذا جاء البائع المتجول قايضته بأوان من فخار وزجاج. أما الديك فكان يقضي اليوم في التجوال متباهيا بين الدجاجات بعرفه العالي وريشه الملون وبالصيحات التي يطلقها من بزوغ الفجر الى غروبه ، وكأني به يقول لهن – أيتها الدجاجات الضعيفات أنا أقوى منكن . ثم يقفز أمامهن متباهيا بريشه كأنه  يقول لهن أنا الأجمل .أما الدجاجات فتبقى صامتات خوفا من بطشه بهن. في يوم من الأيام رأى الديك باب المنزل مفتوحا فتجرأ ودخل ثم تقدم نحو احدى الغرف فرأى من خلال شق الباب صاحبة البيت تمسك سكينا تفرم بها الخضر،فارتعش جسده  من رؤية السكين وولى أدراجه حتى اذا ما بلغ الخم انزوى بركن من أركانه والخوف باد عليه.وهو كذلك لمح فجأة في عيون الدجاجات نظرات كلها شفقة وسمع همسا وغمزا بينهن لم يجد لها في الوهلة الأولى تفسيرا لكن ما ان أحس بيد جدي تنقبض على جناحيه حتى صاح في محاولة استعطاف  سائلا - ماذا تريد مني؟  ضحك جدي وقال – لا أريد سوى لحمك أكله وريشك أملأ به الوسائد.قال الديك – أيها السيد الطيب ، انظر الى تلك الدجاجات انهن سمينات فاذبحهن جميعا ان شئت. أما أنا فصوتي يطرب أسماعك كل صباح  وريشي يزين  فناء بيتك. لم يؤثر كلامه في الشيخ الذي قال مؤكدا صدق نواياه – الدجاجات  تبيض فنستفيد منها، أما أنت فلا حاجة لنا بك. لدي الآن المنبه والساعة والمذياع تكفيني جميعها صياحك المنبعث في كل زمن ومكان. أيقن حينها الديك أن نهايته قربت فحاول الفلات ، لكن سرعة السكين باغتته،فأمسى في القدريتنعم....



بعد عطلة الصيف التقيت بأحد الشباب ممن قضوا استراحتهم السنوية بالخارج فقص علي قصة أبكتني وأفرحتني واليكموها كما سردها....
يقول الشاب ذو الثلاثين من العمر ذو الملامح العربية والشعر الأسود – بعد وصولنا الى مطار احدى العواصم الأوروبية امتطينا سيارة أجرة نقلتنا الى أحد الفنادق الفخمة في  ضواحي المدينة حيث كنا قد حجزنا مسبقا غرفة بواسطة احدى الوكالات السياحية. وفي الطريق عرجنا على حانة من الحانات الكثيرة لتناول الخمور، فاقتنينا قارورات نجابه بها حرارة تلك الليلة .في بهو الفندق استقبلنا المكلف بالتسجيلات ورحب بنا ولما تعرف الى جنسيتنا وأصلنا العربين المسلمين حجز لنا جناحا بدل الشقة، اكراما لنبينا محمد صلى الله علية وسلم وحبا منه وتعلقا بالدين الاسلامي الحنيف –كما ورد على لسان الموظف .
سعد نا بنسبنا وبحلاوة الترحاب  غاضين الطرف عن ما نحن  بصدد فعله من منكر حيث ما ان دخلنا غرفتنا حتى سارعنا  الى  تناول المشروبات الكحولية الى أن بلغ بنا السكر مبلغا كبيرا، فنمنا لا ندري كم من الوقت.عند الساعة الرابعة والنصف طرق الباب فاستيقظت على مضض وفتحت الباب وأنا أترنح يمينا وشمالا حتى كدت أسقط. لم ينتبه الموظف وظن أنني متعب. تردد قليلا ثم قال – المعذرة ، ولكن امام المسجد المحاذي للفندق أصيب بنوبة  قلبية استدعت نقله على الفور الى المستشفى وان المصلين لما علموا بنسبكما ألحوا على أن يؤمهم أحدكما تبركا . صدمت  وأسرعت أوقظ رفيقي لأسأله على الفور ان كان يحفظ شيئا من القرآن.فرد علي أنه لا يمكنه امامة المسلمين وهو في تلك الحال من السكر. بقي الموظف ينتظر بالباب ولم يغادر بل ألح علينا بالأسراع قبل بزوغ الفجر.يقول الشاب – قمنا فاستحممنا ثم نزلنا الى المصلى فوجدناه مكتظا بالمصلين - تقدمت الجمع وكبرت ثم قرأت الفاتحة وسورة قصيرة وكنت أسمع بكاء المصلين وهم يتبركون بي لأنني من بلد حارب الكفر وانتصر عليه. بعد الصلاة انكب المصلون يحيونني أجمل التحياتي ويثنون على الجزائر .
كان هذا الموقف سببا في عودتنا الى الطريق المستقيم – يقول الشاب-
( لما وصل النبي محمد الى سدرة المنتهى وأوحى اليه ربه- يا محمد ارفع رأسك وسل تعط.
قال الرسول يا ربي انك عذبت قوما بالخسف وقوما بالمسخ ، فماذا أنت فاعل بأمتي؟
قال الله تعالى- أنزل عليهم رحمتي وأبدل سيئاتهم حسنات ومن دعاني أجبته ومن سألني أعطيته  ومن توكل علي كفيته، واستر على العصاه منهم في الدنيا وأشفعك فيهم في الآخرة  ولولا أن الحبيب يحب معاتبة حبيبه لما حاسبتهم يا محمد.)

mardi 15 septembre 2015

وقف الشاب فوق الهضبة العالية المطلة على الشاطئ يتأمل عظمة الخالق يستنشق الهواء النقي ويتأمل بستانه الأخضر الممتد تحت قدميه على بعد ميل من البحر. وهو يمني نفسه بجني غلة لم يجمع مثلها منذ سنين خلت.ينظر إلى تلك الأشجار المتمايلة أعرافها  تحت حمل الفواكه الوفيرة. سر الشاب أيما سرور وامتلأت عيناه بدموع الفرح وامتلآ قلبه بالرضا.فهاهو الآن يجني ثمار تعب الشهور الطويلة التي قضاها في رعاية البستان وها هو يقترب من تحقيق حلمه الكبير ألا وهو الزواج  من ابنة خاله التي مر على خطوبتها له منذ سنوات لكن لقلة ما باليد لم يتمكن من تحقيق المبتغى. سيكون له ذلك هذه الصائفة بعد أن يبيع المحصول.
وفي غمرة الفرح ونشوة الانتصار شعرأن شيئا ما غير عاد هذه الظهيرة، شيئا أخرجه بغتة من حلمه الجميل .  ففزع لهول الفاجعة، فقد  أحس ببوادر هزة أرضية ضعيفة، ونظر الى الشاطئ فرأى الماء يتراجع إلى الوراء فعرف أن الكارثة على الأبواب. فالماء عندما يتراجع يعني أنه يستجمع قواه كي ينقض على ضحيته كالوحش تماما الذي يستعد للقفز على فريسته بكل ضراوة وعنف.
لم يكن خائفا على نفسه وهو الواقف في أعلى الهضبة ولم يكن خائفا على جنانه ، لكن خوفه كان يكمن في إدراكه أن حجم الكارثة التي ستتعرض لها القرية الصغيرة النائمة سفح الجبل ستقضي على الأخضر واليابس ، على البشر والحيوان. قرية يسكنها أهل له وجيران لا يملكون من الدنيا غير أكواخ وأشجار قليلة يقتاتون منها .
لم يكن لديه الوقت الكافي للنزول إلى غاية السفح لأخبار الناس، فشرع يصيح  من أعلى الهضبة حتى كانت حنجرته تنفجر، غيرأن أحدا لم يسمعه. ما العمل ؟ عليه أن يتخذ قرارا عاجلا . وكان قراره الحاسم أن يشعل النار في أشجاره ليلفت انتباه الناس اليه.  ففعل...
رأى السكان النار فهرعوا نحو البستان لأنقاذ ما يمكن انقاذه، وجرى هو في استقبالهم ليخبرهم بقدوم " التسونامي". سارع القرويون الى الهرب بعائلاتهم الى بر الأمان .
لم يتزوج الشاب في تلك السنة، ولم يوف ديونه، ولم يسد حاجياته الضرورية، لكنه أنقذ حياة السكان. وفي العام التالي كان له ما أراد  محققا حلما أجله كي لا يخسرالأخرون أحلامهم. 

mercredi 2 septembre 2015





تأتي على الأم أوقات لا تستطيع أن تجد فيها وقتاً لنفسها حتى ولو لتأخذ حماماً سريعاً قبل أن يبدأ رضيعها بالبكاء أو أن تجلس في هدوء لبضع ثواني قبل أن يستيقظ صغيرها من قيلولته. ناهيك عن الموقف في وجود أكثر من طفل صغير وأحدهم يحتاج ليأكل وجبة خفيفة بينما الأخرى

تحتاج أن تداوي جرح أصبعها وفي أثناء ذلك يكون الأول قد سكب الماء على الأرض لكن قبل تجفيفه يجب تجفيف 

المخاط من أنف أخته أولاً ... يحتاج أحدهم لتغيير حافظته والأخرى تريد أن تنتبه إليها  وتعلق على الرسم الذي أنجزته أو النتيجة التي أحرزتها بالمدرسة في هذه المادة أو تلك. 

 تشعر الأم أن في كثير من المرات أن  اليوم لن يكون له نهاية...ولكن لماذا كل هذا؟ لماذا ؟

الإجابة باختصار "لأنهم بحاجة إليها" .. نعم يحتاجون إليها .. وليس لأي أحد أخر في هذا العالم القدرة على تحقيق ما يريده الأبناء  إلا الأم. 
--------------------------------- 

انها تشعر بالسلام النفسي في هذه المرحلة من الحياة

الأمومة هي واجبها .. وهي مسؤولية وشرف ،شرفها الله عز وجل بها فعليها أن تكون على قدر هذه المسئولية. 

وأن تكون جاهزة  في أي وقت من الليل أو النهار حينما يحتاج اليها أبناؤها . فما تكاد تنتهي من رضاعة طفلي في الرابعة فجراً 

حتى تذهب لتهدئة ابنتها ذات الأربع سنوات التي استيقظت من حلم مزعج 

الأمومة هي أن يكون جسمها مليء بالأوجاع بينما قلبها يفيض بالحب هي لديها قناعة أنه قد يأتي اليوم الذي لن
يحتاج اليها منهم فيه أحد .. فأطفالها – ان شاء الله -  سوف يكبرون وينشغلون  بأمور الحياة.
. وقد تكون وقتها عبئاً عليهم .. بالتأكيد سيأتون لزيارتها .. لكن ترى بالنسبة لهم هل سيظل حضنها هو وطنهم وقبلاتها هي دواؤهم؟؟ 

---------------------------------

لن تكون هناك ألعاب تجمعها بعد أن ينتهوا من اللعب ... لن تكون هناك حاجة لقراءة قصة قبل خلودهم للنوم.
لن تكون مضطرة لتحضير الوجبات المدرسية يومياً
..هي واثقة انها وقتها سوف تشتاق بشدة لهذه الأصوات 

الصغيرة التي تناديها طوال الوقت "ماما .. ماما..

ان وقت رضاعة طفلها في الرابعة فجراً هو استمتاع  

بخلوتهما والكل نيام وكأن العالم ملكهما هما الأثنين فقط فهي تداعب رجليه الصغيرتين تحت الغطاء 

وهو يداعبها بضحكاته الساحرة حتى يناما مرة أخرى

. قد يأتي عليها يوم من  الأيام تكون فيه جالسة على كرسي متحرك 

ويداها فارغتان فتتذكر  حينها وبكل شوق وتتمنى أن تعود ولو للحظة تلك الليالي وطفلها  بين يديها.


كان يا ما كان في قديم الزمان .. كان من الممكن أن تهتم بنفسها ..أم الآن

 سوف لن تستطيع رؤية وجهها في المرآة بوضوح، ولا بد من نظارات طبية. سوف لن
تستطيع دخول الحمام دون مساعدة.. قد لا تحسن مشط شعرها جيداً . قد لا تستطيع إيصال اللقمة إلى فمها بارتياح . قد تحس بآلام في المفاصل . قد يتقوس  ظهرها . قد تحتاج الى عصا تتوكأ عليها.


...


الثالثة بعد منتصف الليل تستيقظ على صوت خطوات ابنتها الصغيرة تدخل الغرفة منادية - 


"ماما" بصوت خافت ثم    "ماما"       بصوت أعلى هذه المرة فلا تستطيع إلا أن تجيب " نعم يا ابنتي" .. وترد هي وبعينيها البراقتين في الظلام " أحبك" "                         

وتعود إلى غرفتها... ولكن كلماتها مازالت معلقة في الهواء تود لو بإمكانها أن تنتزع هذه الكلمات وتضمها لها وتعناقها                                  
                         -----------------------
...
يوما ما سيكبرون .. ولن تكون هناك كلمات حلوة تهمس في  أذنيها ساعات الصباح الأولى .. فقط سيكون 

صوت شخير ها هو الصاحب لها  ... ستنام في الليل دون أن يقلقها مرض طفلها أو بكاء رضيعها

.. فقط ستبقى كل هذه ذكريات جميلة ... هذه السنوات في ظل احتياجهم الدائم لها بالتأكيد مرهقة  ولكنها عابرة 

ستكون الأمور لما يكبرون  ربما أسهل ولكنها لن تكون أبداً أفضل مما هي عليه اليوم .. اليوم هو الأفضل بكل المقاييس. 

..

يوما ما سوف تستعيد نفسها مرة أخرى و تجد وقتاً للإهتمام بها ولكن اليوم هي تهب نفسها لهم، فهم يحتاجونها.
------------------------        
الآن، هي تكتم صوتها لأنها سمعت صوت أحدهم يناديها. هي تقول لنا - معذرة ...لا بد عليها أن تذهب حالا.....

وبما أنه مل حياة البؤس وبعد أن طاف في أرجاء البلد بحثا عن عمل ولم يجد، قرر الرجل السفر الى أقطار الدنيا طلبا للعيش وقبل أن يرحل اتفق مع زوجته أن تهتم بابنهما الرضيع كما اتفقا على أن لا يطول الغياب أكثر من عشرين سنة، فاذا طال غيابه أزيد من تلك المدة شرع لها الزواج من غيره.وسافر...

عمل عند فلاح ثري طيب الخلق وتمتنت العلاقة بينهما بفضل تفاني الرجل في النشاط الزراعي مما أدر على الفلاح الخير الكثير.بعد عشرين عاما بالتمام قرر الرجل العودة الى قريته حيث تنتظره زوجته وابنه فأخبر بذلك صاحب المزرعة وقص عليه الوعد الذي قطعه على نفسه . حاول الفلاح اغراء خادمه بمضاعفة راتبه ان هو قبل بعام اضافي من الشغل، لكن الرجل أصر العودة مبررا ذلك أن زوجته ستتركه اذا نقض عهده أو تأخر عن الموعد الذي ضربه. قبل أن يغادر كافأه الفلاح بمبلغ من المال. انطلق الرجل عائدا ، وفي الطريق لقي
ثلاثة من المارة
كان اثنان من الشباب والثالث رجل عجوز
تعارفوا وبدأوا بالحديث بينما الرجل العجوز لم يتكلم ولو بكلمة
بل كان ينظر إلى العصافير ويضحك
فسأل الرجل :- من هذا الرجل العجوز ؟
أجاب الشابان :- انه والدنا
قال الرجل :- لماذا يضحك هكذا ؟
أجاب الشابان :- انه يعرف لغة الطيور وينصت إلى نقاشها المسلي والمرح
قال الرجل :- لماذا لا يتكلم أبدا ؟
أجاب الشابان :- لأن كل كلمة من كلامه لها قيمة نقدية
قال الرجل :- وكم يأخذ ؟
أجاب الشابان :- على كل جملة يأخذ 1000دج
قال الرجل في نفسه :- إنني إنسان فقير هل سأصبح فقيرا أكثر
إذا ما أعطيت هذا العجوز أبو اللحية 1000دج من ما أملك ؟
كفاني اسمع ما يقول
واخرج من جيبه المبلغ ومده للعجوز
فقال العجوز :- لا تدخل في النهر العاصف. وصمت
وتابعوا مسيرتهم
قال الرجل في نفسه
عجوز فظيع يعرف لغة الطيور ومقابل كلمتين أو ثلاثة يأخذ 1000 دج
يا ترى ماذا سيقول لي لو أعطيته 1000 أخرى ..؟؟؟
ومرة ثانية تسللت يده إلى جيبه واخرج المال  وأعطاه للعجوز
قال العجوز :- في الوقت الذي ترى فيه نسورا تحوم، اذهب
واعرف ما الذي يجري. وصمت
وتابعوا مسيرتهم
وقال الرجل في نفسه :-
كم مرة رأيت نسورا تحوم ولم أتوقف لأعرف ما المشكلة
سأعطي هذا العجوز ألف دينار أخرى.
بها أو بدونها فأنا فقير..فقير.
وللمرة الثالثة تتسللت يده إلى جيبه

اخذ العجوز النقود  وقال
قبل أن تقدم على فعل أي شيء عد من واحد الى خمس وعشرين ...وصمت

وافترق الجمع، وواصل الرجل رحلة العودة،
وفي الطريق وصل إلى حافة نهر
وكان النهر يعصف ويجر في تياره الأغصان والأشجار
وتذكر الرجل أول نصيحة نصحه بها العجوز
فلم يحاول اجتياز النهر
جلس على ضفة النهر واخرج من حقيبته خبزا وبدأ يأكل
وفي هذه اللحظات سمع صوتا
وما التفت حتى رأى فارسا وحصانا أبيض
قال الفارس :- لماذا لا تعبر النهر ؟
قال الرجل :- لا أستطيع أن اعبر هذا النهر الهائج
فقال له الفارس :- انظر إلي كيف سأعبر هذا النهر البسيط
وما أن دخل الحصان النهر حتى جرفه التيار مع فارسه


بدأ الرجل البحث عن جسر للعبور
الى أن وجده فعبر إلى الضفة المقابلة
ثم اتجه نحو قريته...
في طريقه مر بالقرب من شجيرات كثيفة
رأى ثلاثة نسور كبيرة تحوم
قال الرجل في نفسه :- سأرى ماذا هناك
وهناك رأى ثلاث جثث هامدة
وبالقرب من الجثث حقيبة من الجلد
ولما فتحها وجدها مليئة بملايين الدينارات
عرف أن الجثث لقطاع الطرق
سرقوا في أثناء الليل احد المارة
ثم جاؤوا إلى هنا ليتقاسموا الغنيمة فيما بينهم
ولكنهم اختلفوا في الأمر وقتلوا بعضهم بعضا
اخذ الرجل النقود ووضع على كتفه بندقبة عثر عليها بالقرب من الجثث .وتابع سيره
الى أن وصل ليلا الى بيته


كان نافذة الغرفة مفتوحة، والغرفة مضيئة
نظر من الشباك فرأى طاولة وسط الغرفة وعليها شتى أنواع المأكولات مما لذ وطاب
وقدجلس إليها اثنان الزوجة ورجل ظهره للنافذة.

فارتعد من هول المفاجأة وقال في نفسه
أيتها الخائنة لقد أقسمت لي بأن لا تتزوجي غيري
وتنتظريني حتى أعود
والآن تعيشين في بيتي وتخونيني مع رجل آخر ...؟؟؟
امسك على قبضة البندقية وصوب داخل البيت
ولكنه تذكر نصيحة العجوز الثالثة أن يعد حتى خمسة وعشرين
قال الرجل في نفسه :-سأعد حتى خمسة وعشرين وبعد ذلك سأطلق النار
وبدأ بالعد
- واحد ... اثنان .. ثلاثة ... أربعة .......
وفجأة توقف عن العد لأنه سمع جزءا من حوارهما وسمع "الرجل" يقول -
يا والدتي سأذهب غدا لأبحث عن والدي
كم من الصعوبة بأن أعيش بدونه يا أمي
ثم سأل :- كم سنة مرت على ذهابه ؟
قالت الأم :- عشرون سنة يا ولدي
ثم أضافت :- عندما سافر أبوك كان عمرك شهرا واحدا فقط
ندم الرجل وقال في نفسه :- لو لم أعد حتى خمسة وعشرين لوقعت المصيبة.
وصاح:- يا ولدي . يا زوجتي . اخرجا واستقبلا الضيف الذي طالما
انتظرتمـــاه.

samedi 29 août 2015


نظرنا فرأينا  على بعد أمتار من الغابة دارا كبيرة  من الحجارة كأنها خرجت من أفلام الرعب المخيفة التي تقشعر لها الأبدان، بل قل هي أشبه بقصر العفريت الذي في روايات جدتي ( زهوة) والتي كانت   تقصها علينا كل ليلة  قبل أن نخلد للنوم.
قالت زكية – هيا نقترب منها أكثر. تسللنا نحو الدار الواحد تلو الآخر الا (عليا)  فلقد تملكه الخوف فجأة فتراجع نحو طرف الغابة وبقي يراقب الوضع  متأهبا لكل طارئ مستعدا للهروب في كل لحظة .
كان المبنى قديما جدا ، بعض جدرانه بدأت تميل جانبا كأنها تعبت وملت هي بدورها ثقل الزمان.كان بابها الخشبي الكبير مفتوحا . قال أحمد – هذه الدار يسكنها العفاريت، هيا نهرب..هيا نعد الى بيوتنا..هيا..هيا..
ضحكت وقلت – أنت يا أحمد مثل علي، تخاف من العفريت. وكأني بأحمد قد أصيب في كبريائه فرد غاضبا – أنا لا أخاف أحدا ، أنسا كان أم جنا.
وجدنا أنفسنا في غرفة واسعة شبه مظلمة. قال أحدنا – هذه الغرفة وحدها أوسع من بيتنا كله.
قلت معقبا – وهي باردة كأننا في فصل الشتاء.
قالت زكية – طبعا، شبابيكها مفتوحة على مر الدوام، وليس بها زجاج، وأبوابها ليس لها أقفال.
وأردف عمار – تستطيع كل القرية السكن بهذا البيت المهجور.
فجأة سمعنا صوتا غريبا، كادت على أثره  أقدامنا أن تتجمد وامتلكتنا رجفة . أما أنا فجف حلقي ورحت أبلع الريق بغية استرجاع بعض أنفاسي.
قالت زكية-  ماهذا الصوت الغريب، انه قادم  من هذه الجهة، هيا ننظر. لكن لا أحد منا تحرك.
قالت – ما بكم خائفين ؟ ألستم رجالا ؟؟-
على ذكر هذ ه الكلمة والتي يبدو أنها أصابت جلنا في الصميم  تشجعنا وتقدمنا خطوة الى الأمام. قال أحمد – ربما تسكن الذئاب هنا. ونخاف أن تفترسنا ولا أحد يعلم بنا.  ضحكت زكية وقالت عرفت الآن – ما هذا سوى صوت الهواء الذي يدخل من الأبواب والشبابيك المفتوحة فيحدث ضجة في الغرف الفارغة.. ما لكم لا توقنون ؟
قال عمار – أشعربالبرد، أريد أن أخرج الى الشمس. وقال أحمد  - وأنا أيضا، أخرج معك.
أما أنا وزكية فبقينا  مدة  ثم خرجنا لأخبر رفاقي بأمر في غاية الأهمية قلت – لقد رأيت شيئا غريبا باحدى الغرف، بالطابق السفلي ، اكتشفت أن بها فراشا ورأيت سجائر وزجاجة خمر فارغة.
فعقب أحمد على قولي- الجن لا يدخنون ولا يشربون الخمر. هذا عمل انسان. وانه لأمر عجيب. من له الشجاعة فيسكن ببيت كهذا ؟
قال عمار في تلعثم - هيا نعد الى القرية نحن لم نأت الى هنا للبحث عن الجن بل عن الغنم الضائعة.
فأخذنا برأيه وعدنا نجرأقدامنا من شدة العياء وكذلك من فشلنا في تحقيق ما جئنا من أجله . غير أن هناك شعورا ما كان  يراودنا في أننا قد نصل الى فك لغزالماشية واكتشاف ما تخبئه تلك الدار المهجورة من خبايا وأسرار.
في اليوم الموالي التقينا جميعا تحت شجرة التوت بالبستان المحاذي لبيت عماروراح كل منا يقترح خطة  في البحث عن الماشية  بعيدا عن مبادرات  السكان  الذين سارعوا بدورهم الى التجمهر وسط ساحة القرية منذ الصباح الباكر.
قالت زكية - كان علي أن أخبركم الأمس بأمرقد يكون مفيدا لكنني نسيت  فلقد أبصرت أثنا ء تواجدنا بالبيت المهجور آثار عجلات كبيرة  قرب الباب الخلفي للمبنى . وهكذا قررنا من باب الفضول والتحري أن نعود ثانية الى المكان . وفي الطريق أخبرنا أحد السكان أن قطيعا من غنم ( سي دحمان) قد اختفت البارحة.
قال أحمد معقبا - غريب كيف تختفي كل هذه الحيوانات ولا نسمع شيئا. صحت على الفور- أنا سمعت يا رفاقي .تذكرت الآن .  حيث  وأنا منغمس في التفكير في المبنى الكبير بلغ أذني  صوت محرك  ينبعث غير بعيد عن القرية . وواصلنا سيرنا ولم ننتبه الا ونحن على مقربة من الدار الكبيرة . فجأة توقف أحمد وأشارلنا بيده أن نكف عن الكلام مشيرا الى رجل  واقف بعتبة المبنى المهجورثم قال متسائلا بصوت خافت - من يكون هذا الرجل؟
قالت زكية  بعد تمعن - انه ( قدور)  الذي يشتغل بمزرعة " الحاج الطيب"ألم تعرفه يا علي ؟
قال علي - بلى انه هو ولكن ماذا يفعل هنا ؟
قال أحمد - سأذهب لأسأله عن الماشية. 
لكن عمار أوقفه  قائلا - انتبهوا لا تتحركوا هناك شاحنة متوقفة خلف المبنى. سمعنا  المدعو( قدور) يسأل سائق الشاحنة - هل كل الماشية بالشاحنة ؟ رد الرجل - نعم. ولكن أين ( حمود)؟ 
قال ( قدور) هو قادم. أما انا فعلي العودة بسرعة قبل أن يتفطن لغيابي الحاج الطيب.
أشرت الى زكية فاقتربت مني فأمرتها أن  تعود الى القرية  على الفورفتخبر أهلها  قبل انطلاق الشاحنة.
ونحن ننتظر سألت (عمار) - من يكون ( حمود ) هذا ؟ 
قال - هو رجل غريب عن القرية لا يتوقف عن شرب الخمر. ولقد أمسك به  الحاج الطيب متلبسا بسرقة سيارته  فسجن شهرين. واني لأظن أنه هو من يبيت بالمبنى .
سأل أحمد - واذا لم يحضر السكان في الوقت المناسب ؟
قلت على الفور. - لدي خطة. نمنع انطلاق المركبة. لدي سكين سأتنقل متخفيا  بين الأشجار الى غاية الشاحنة وهناك أقوم بثقب عجلاتها.
كان السائق  على مقعد السياقة وقد بدا عليه اضطراب شديد  وكان لا يكف عن التدخين. بعد دقائق خلتها ساعات عدت الى رفاقي سالما  مسرورا وقد أديت المهمة على أحسن وجه.
وصل المدو ( حمود) فأخذ نصيبا من التوبيخ من السائق على تأخره .وفي الأخير أدار الرجل المحرك فانطلقت المركبة  لكنها ما لبثت أن توقفت  فجأة لينزل الرجلان على عجل  وليكتشفا الأمر بعينيهما.
صاح أحدهما - لقد ثقبوا العجلات هيا نهرب ... هيا... وانطلقا يركضان كالمجنونين وما هي سوى خطوات قطعاها حتى فوجئا في طريقهما بجمع غفيرمن السكان في انتظارهما وقد تزودوا بالسيوف والهراوات .


·        كان جدي يسكن بقرية  صغيرة شرق البلاد، يقال لها " لوازى". تعودت كل سنة على قضاء عطلتي الصيفية بقربه مع الأهل والأقارب ، أمرح وسط البساتين الخضراء المتشابكة أشجارها ، المختلفة أنواعها ، المترامية ظلالها.اللذيذة فاكهتها.وكثيرا ما كنت أقضي اليوم رفقة أترابي  أسبح بوادي " الزرزيحة" الملتوي على امتداد أميال بين السهول المترامية أطرافها، الى غاية السد الكبيرحيث يلتقي صياد الأسماك القادمين من المدينة . كم كانت فرحتي كبيرة عند الالتقاء بأبناء عمومتي وعلى وجه الخصوص بابنة خالتي – زكية-. والتي لا تكاد تفارقني معظم أوقات النهار طوال مدة اقامتى بالقرية.
 هذه المرة قررت أن أفاجئ الجميع بحلولي مبكرا بالمكان ، لسببين اثنين  لا يمكن إخفاؤهما ، الأول شعوري بالملل من المدينة وضوضائها وهروبا من الحرارة ، وثانيهما اشتياقي الكبير الى جدي والى...زكية.
أمضيت يومي الأول بصحبة جدي  يسألني عن المدينة ومساوئ العيش بها  مبديا سعادته بالحياة في الريف . في صباح اليوم الموالي قررت الذهاب عند أحد أصحابي . وعلى غير عادة أهل القرية  فوجئت بأم عمار وأخواته واقفات  بعتبة الدار وقد بدت على وجوههن علامات الحيرة والحزن. بادرتهن بالتحية – صباح الخيريا عمتي مسعودة.فردت في تثاقل غير معتاد
§          – أهلا كمال . قلت – هلسعيد هنا؟  قالت لقد خرج منذ الفجر
قلت – سأجده ربما رفقة علي وأحمد...قالت أخته الكبرى – لا انه ذهب يبحث عن غنمنا.
سألت – ماذا حدث ؟ قالت متنهدة – لقد اختفت غنمنا البارحة بالليل. قلت والأسف باد عني - ربما تكون غادرت الزريبة وتاهت في الحقول ، سأذهب لمساعدة عمار في البحث عنها لا تقلقن سنجدها ان شا ء الله.
انطلقت مسرعا وسط حقول القمح الصفراء أشق صفوف السنابل المتمايلة تمايل موج البحر أمد خطواتي  بين البساتين المتجاورة الى أن أبصرت (عمار) يستعد لعبور الوادي . ناديته على الفور فاستدار نحوي وتوقف حتى اذا ما أدركته تعانقنا وبدت على وجهه ابتسامة عريضة رغم ما حل به من مأساة  في  ضياع لماشيته.
سألته – هل وجدت شيئا ؟ . قال – لا، ثم أضاف – لقد سرقها أحد بالليل، أنا متأكد.
قلت – لا أظن ذلك، من يجرأ على السرقة بهذه القرية الصغيرة  الهادئة حيث يعرف الناس بعضهم بعضا ويعيشون متآخين مند زمن بعيد. في هذه اللحظة التحق بنا علي وهو يلهث من العياء ليقول بصوت متقطع – هل تعرفون خالي الطيب، صاحب المزرعة الكبيرة وقطعان الغنم والأبقار . سمعت  أن عددا من ماشيته  اختفت . وأظن أنها سرقت بالليل مثلها مثل غنم عمار.

لما وصل أحمد وأخته زكية كونا فرقة أشبه ما تكون بفرق البحث التي نراها في الأفلام  البوليسية وانطلقنا في البحث في كل حدب وصوب. سرنا بطريق ملتو وسط الغابة الصغيرة حتى اذا ما أدركنا طرفها الآخر صاحت فينا  زكية – انظروا مشيرة بيدها الى مبنى كبير.ثم سألت - هل تعرفون لمن هذه الدار؟