·
كان جدي يسكن
بقرية صغيرة شرق البلاد، يقال لها " لوازى".
تعودت كل سنة على قضاء عطلتي الصيفية بقربه مع الأهل والأقارب ، أمرح وسط البساتين
الخضراء المتشابكة أشجارها ، المختلفة أنواعها ، المترامية ظلالها.اللذيذة فاكهتها.وكثيرا ما كنت أقضي اليوم رفقة أترابي أسبح بوادي
" الزرزيحة" الملتوي على امتداد أميال بين السهول المترامية أطرافها،
الى غاية السد الكبيرحيث يلتقي صياد الأسماك القادمين من المدينة . كم كانت فرحتي كبيرة عند الالتقاء بأبناء عمومتي وعلى وجه الخصوص
بابنة خالتي – زكية-. والتي لا تكاد تفارقني معظم أوقات النهار طوال مدة اقامتى
بالقرية.
هذه المرة قررت أن أفاجئ الجميع بحلولي مبكرا
بالمكان ، لسببين اثنين لا يمكن إخفاؤهما
، الأول شعوري بالملل من المدينة وضوضائها وهروبا من الحرارة ، وثانيهما اشتياقي الكبير الى جدي
والى...زكية.
أمضيت يومي الأول بصحبة جدي يسألني عن المدينة ومساوئ العيش بها مبديا سعادته بالحياة في الريف . في صباح اليوم
الموالي قررت الذهاب عند أحد أصحابي . وعلى غير عادة أهل القرية فوجئت بأم عمار وأخواته واقفات بعتبة الدار وقد بدت على وجوههن
علامات الحيرة والحزن. بادرتهن بالتحية – صباح الخيريا عمتي مسعودة.فردت في تثاقل غير معتاد
§ –
أهلا كمال . قلت – هلسعيد هنا؟ قالت لقد خرج منذ الفجر
قلت – سأجده ربما رفقة علي وأحمد...قالت أخته
الكبرى – لا انه ذهب يبحث عن غنمنا.
سألت – ماذا حدث ؟ قالت متنهدة – لقد اختفت غنمنا
البارحة بالليل. قلت والأسف باد عني - ربما تكون
غادرت الزريبة وتاهت في الحقول ، سأذهب لمساعدة عمار في البحث عنها لا تقلقن سنجدها ان شا ء الله.
انطلقت مسرعا وسط حقول القمح الصفراء أشق صفوف
السنابل المتمايلة تمايل موج البحر أمد خطواتي بين البساتين المتجاورة الى أن أبصرت (عمار) يستعد لعبور الوادي . ناديته على الفور فاستدار نحوي وتوقف حتى اذا ما أدركته
تعانقنا وبدت على وجهه ابتسامة عريضة رغم ما حل به من مأساة في ضياع لماشيته.
سألته – هل وجدت شيئا ؟ . قال – لا، ثم أضاف – لقد سرقها
أحد بالليل، أنا متأكد.
قلت – لا أظن ذلك، من يجرأ على السرقة بهذه القرية
الصغيرة الهادئة حيث يعرف الناس بعضهم بعضا ويعيشون متآخين مند زمن بعيد. في هذه اللحظة
التحق بنا علي وهو يلهث من العياء ليقول بصوت متقطع – هل تعرفون خالي الطيب،
صاحب المزرعة الكبيرة وقطعان الغنم والأبقار . سمعت أن عددا من ماشيته اختفت . وأظن أنها سرقت بالليل مثلها مثل غنم عمار.
لما وصل أحمد وأخته زكية كونا فرقة أشبه ما تكون بفرق
البحث التي نراها في الأفلام البوليسية وانطلقنا في البحث في كل حدب وصوب. سرنا بطريق ملتو وسط الغابة الصغيرة حتى اذا ما أدركنا طرفها الآخر صاحت فينا زكية – انظروا مشيرة بيدها الى مبنى كبير.ثم
سألت - هل تعرفون لمن هذه الدار؟
رئع
RépondreSupprimer