كان ذات مرةٍ يسير بمحاذاةِ بركةٍ جميلة ٍجدا , وكان حزيناً مشغول البال ِ, فقد افترقَ عن صديقهِ العزيز الذي كانَ أيضا لصاً مثله في عملية ِسرقةِ منزلِ حيثُ تم القبضُ عليهِ و حكمَ عليهِ بالسجنِ , وكان يفكرُ في طريقةٍ للانتقام لصديقهِ
و هو كذلك وجدَ مقعداً و فجلس يتأمل جمالَ البركةِ , وتاه في التفكير ولم ينتبه الا بسماع شخص
يحدثهُ , (كانت امرأة ) , قالت له : لو سمحت , هل تملكُ هاتفًا ؟ إن شحنَ هاتفي قد انتهى ويجب علي القيامَ بمكالمةٍ هاتفية ٍفوراً , هل تستطيع مساعدتي
فقالَ اللصُ و هو ينظرُ إليها : نعم , بالطبع تفضلي
تكلمتْ المرأةُ مع شخصِ كلامً غير واضحٍ , ولكنه أدركَ بأنها كانت غاضبة من ذلك الشخصِ فقد كانت تررد: " ما دخلي بحادثة ِالسرقةِ ؟" . عندما انتهت , قال لها : إذا كنت لا تمانعين بالسؤال , لماذا كنت غاضبة و مع من كنت تتكلمين؟
قالت له : لا , بالطبع لا أُمانع . إنهُ زوجي السابق, و قد حدثت عمليةُ سرقة في منزلهِ الأسبوعَ الماضي , وللأسف الشديد هربَ اللصوصُ حاملينَ معهم المجوهرات و الأغراضِ الثمينة ِ , ولكن كانَ هناك لصٌ واحدٌ لمْ يستطعْ الهربَ فقد كانَ يحاولُ إخراجَ صندوق خشبي كبيرً فاعتقلته الشرطة
فقالَ اللصُ : وما ذنبك في هذا كلهِ ؟
فقالت : كنت عنده في نفسِ الليلة التي تمت فيها السرقة فقد دعاني لمنزلهِ ؛ لتناول العشاء وترتيب بعضِ الأمور , و الآن هو يتهمني بأنني السببُ بل طرفا في حادثةِ السرقةِ.
لقد تفاجأ اللصُ ؛ لأن اللصَ في روايةِ المرأةِ ما هو الا صديقهُ .
قالَ اللصُ : لقد قلت بأنَ الشرطة اعتقلت لصاً من اللصوصِ عندما كانَ يحاولُ إخراجَ صندوق خشبي كبير , هل لديك ِ أية فكرة عن محتوى الصندوقِ؟ فقالت : لا , و لكنني تعجبتُ مثلكَ , وسألتُ زوجي السابق عن الأمرِ, لكنهُ رفضَ إخباري بل كانَ متوتراً جداً
بعدَ لحظاتٍ , غادرتْ المرأةُ , لتقابلَ زوجها السابق ( السيد جمال )و قامَ اللصُ باللحاقِ بها و عندما وصلتْ منزلَ السيدِ جمال رآهما يتحدثان والغضب باد عليهما , تحادثا قليلاً ثم انصرفا على متن السيارة.
قامَ اللصُ بالإطلاعِ على المنزلِ منَ الخارجِ ـ كانَ منزلاً عادياً جداً ـ ثم حاول النظرَ إليهِ منَ الداخلِ و لكنهُ لم يستطع بسبب وجود طفلين يلعبان الكرة. بقي يفكر في حيلة للتسلل داخل البيت.وفي تلك الأثناء قذف أحد الطفلين الكرة فعلت وسقطت بحديقة السيد (جمال).
قالَ الطفلُ الأولُ : هيا بسرعة قبل أن يعود السيدُ جمال من السفر. قالَ الطفلُ الثاني : ولذلك لم أعد أسمع صوته يتعالى في أرجاء الحي ؟ قالَ الطفلُ الأولُ: رأيتهُ قبلَ أسبوعين خارجاً من سيارتهِ حاملاً صندوقاً خشبياً كبيراً , فسألتهُ ان كان يحتاج الى مساعدة لكنه غضب غضبَا شديدا ً و صرخَ في وجهي.
تعجبَ اللصُ و زاد فضوله وأراد معرفة محتوى الصندوق أكثرَ من أي وقتٍ مضى , لذا قررَ اللصُ التخطيطَ لدخولِ المنزلِ ,وأمهل نفسه أسبوعا كي يتمكن من مراقبَة السيد جمال أوقاتِ دخوله وخروجهِ.
لاحظَ اللصُ بأنَ السيد جمال يخرج دائماً من منزلهِ يوم السبت في تمام الساعة التاسعة و خمسِ دقائقٍ مساء , و قبل خروجه كانَ يتفقدُ الصندوقَ الخشبي الذي وضعه في غرفةِ نومهِ . فكانَ موعدهُ السبت , وعندما حانَ الوقتُ ذهبَ اللصُ إلى الموقعِ و شاهدَ خروج جمال من منزلهِ في تمامِ الساعةِ التاسعةِ و خمسِ دقائقٍ مساء, بعدِ تأكدِ اللصُ من رحيلِ السبد ِجمال , دخلَ إلى المنزلِ بحذرٍ بعد أن قام بكسرِ قفلِ البابِ , وتوجه بسرعةٍ إلى غرفةِ نومِ جمال فرأى الصندوقَ الخشبي الكبيرَ , بحث عن أداةً تمكنه من كسر القفل ثم قامَ بقطعه بواسطتها , ولما فتحَ الصندوقَ وجدَ بعض المال و أوراقا , فتعجبَ اللصُ لأن هذه الأغراضَ لم تكن ذات قيمة كبيرة يخافَ المرءُ أن تكتشف. إن في الأمر خدعة, وبعدَ تفكيرٍ عميقٍ توصلَ اللصُ إلى أن الصندوقَ الخشبي كبير وما رآه إلا جزءا صغيرا منه , اهتدى اللص الى أن السيد جمال كانَ يخرج من منزلهِ الساعةِ التاسعةِ وخمسِ دقائقِ مساء , وكانَ قبلَ أن يخرجَ من منزلهِ يتفقدَ الصندوقَ الخشبي الكبير فكانَ يحتاج إلى خمسِ
دقائقِ ؛ لفتحِ الصندوقِ و تفقدهِ و هذا أمر عجيب؛ فاللصُ فتحَ الصندوقَ في غضونِ لحظاتٍ باستخدام أداتهِ و كانَ جمال يستطيع فتحَ الصندوقَ باستخدام مفتاح في ظرف وجيز بكثير،ان أراد ذلك فلماذا يستغرق وقتا أطول.
أزالَ اللصُ الأغراض ووجدَ قطعةَ خشبية مسطحة تفصل الصندوق الى نصفين علوي وسفليٍ فطرقَ عليها و صدرَ صوت (صدى) فاستدلَ اللصُ على أنَ تحتَ هذه الخشبة يوجد مساحة أخرى وهي الجزء الآخر من الصندوقَ . فأزالَ اللصُ الخشبةَ بصعوبة ـ وهذا ما كان يفعلهُ السيد جمال و الذي كان يستغرقُ منه خمس دقائق
انتظرَ اللصُ عودةً الرجل ولما رآه قادما اتصلَ بالشرطةِ فوراً .
دخلَ صاحب البيت منزلهِ فوجدَ الرجل أمامهُ .أخبر اللص الرجل بكل شئٍ , فغضبَ جمال كثيراً وقال: هيا اخرجْ من منزلي قبل أن اتصلَ بالشرطة . قالَ اللصُ : لا يوجد داعٍ لقد أخبرتهم وهم قادمون...
دخلتْ الشرطةُ إلى المنزل ِ فقامَ اللصُ و قال : يا سيدي الشرطي إن هذا الشخص قامَ بسرقةِ التاج الذهبي
المرصع بالألماس الذي سُرقَ قبلَ أربعةِ أسابيعِ من البنكِ المركزي , ووضع التاج في الصندوقِ الخشبي الكبير الذي يحتوي على جزأين , ووضعَ في الجزء السفلي التاج , وفي الجزء العلوي فوضع الأموال و الأوراق للتمويه ,وأما صديقي الذي اتًهمَ بسرقةِ الصندوقَ الخشبي الكبير فما كانَ يريد إلا أن يعيد التاج الذهبي و لكنه لم يستطع فتح الصندوق فأخرجه معه ولسوء حظه تم القبضُ عليهِ متلبسا بتهمة السرقة
أنكر جمال كل التهم الموجهة إليه، فاستدار الشرطي نحو اللص وقال -
هل لديك دليل على صحةِ كلامك ؟ اللص: نعم , إن التاجَ في الصندوقِ الخشبيِ الذي أمامكم , و صديقي محجوز عندكم فقوموا بسؤاله , ثم أن هناكَ طفلا صغيرا شاهد السيد جمال يخرج الصندوق الخشبي الكبير من سيارتهِ بعد مدة قليلة عن التوقيت الذي سرق فيه التاج ، وهو جاهز للشهادة متى شئتم استجوابه.
بعد التحقيقات تم التأكد من صحةِ كلامِ اللصِ فحكمَ على جمال بالسجنِ مدةًليست بالقصيرة, وتم الإفراج عن صديقِ اللصِ , وتمت مكافأة اللصين بمبلغِ كبيرٍ جداً ؛ لجهودهما في البحث عن الحقيقة ِ , فقرر الأثنان الكف عن مزاولة السرقة وعاشا سعيدين بالمال المحصل عليه من المكافأة التي منحها اياهما البنك المركزي.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire