وقف الشاب فوق الهضبة العالية المطلة على الشاطئ يتأمل
عظمة الخالق يستنشق الهواء النقي ويتأمل بستانه الأخضر الممتد تحت قدميه على بعد
ميل من البحر. وهو يمني نفسه بجني غلة لم يجمع مثلها منذ سنين خلت.ينظر إلى تلك
الأشجار المتمايلة أعرافها تحت حمل
الفواكه الوفيرة. سر الشاب أيما سرور وامتلأت عيناه بدموع الفرح وامتلآ قلبه
بالرضا.فهاهو الآن يجني ثمار تعب الشهور الطويلة التي قضاها في رعاية البستان وها
هو يقترب من تحقيق حلمه الكبير ألا وهو الزواج
من ابنة خاله التي مر على خطوبتها له منذ سنوات لكن لقلة ما باليد لم يتمكن
من تحقيق المبتغى. سيكون له ذلك هذه الصائفة بعد أن يبيع المحصول.
وفي غمرة الفرح ونشوة الانتصار شعرأن شيئا ما غير عاد
هذه الظهيرة، شيئا أخرجه بغتة من حلمه الجميل .
ففزع لهول الفاجعة، فقد أحس ببوادر
هزة أرضية ضعيفة، ونظر الى الشاطئ فرأى الماء يتراجع إلى الوراء فعرف أن الكارثة
على الأبواب. فالماء عندما يتراجع يعني أنه يستجمع قواه كي ينقض على ضحيته كالوحش
تماما الذي يستعد للقفز على فريسته بكل ضراوة وعنف.
لم يكن خائفا على نفسه وهو الواقف في أعلى الهضبة ولم
يكن خائفا على جنانه ، لكن خوفه كان يكمن في إدراكه أن حجم الكارثة التي ستتعرض
لها القرية الصغيرة النائمة سفح الجبل ستقضي على الأخضر واليابس ، على البشر
والحيوان. قرية يسكنها أهل له وجيران لا يملكون من الدنيا غير أكواخ وأشجار قليلة
يقتاتون منها .
لم يكن لديه الوقت الكافي للنزول إلى غاية السفح لأخبار
الناس، فشرع يصيح من أعلى الهضبة حتى كانت
حنجرته تنفجر، غيرأن أحدا لم يسمعه. ما العمل ؟ عليه أن يتخذ قرارا عاجلا . وكان
قراره الحاسم أن يشعل النار في أشجاره ليلفت انتباه الناس اليه. ففعل...
رأى السكان النار فهرعوا نحو البستان لأنقاذ ما يمكن
انقاذه، وجرى هو في استقبالهم ليخبرهم بقدوم " التسونامي". سارع القرويون
الى الهرب بعائلاتهم الى بر الأمان .
لم يتزوج الشاب في تلك السنة،
ولم يوف ديونه، ولم يسد حاجياته الضرورية، لكنه أنقذ حياة السكان. وفي العام التالي
كان له ما أراد محققا حلما أجله كي لا
يخسرالأخرون أحلامهم.
كم انت فصيح اللسان ، لقد اعجلتني هذه القصة و ربما من افضل ما قرات
RépondreSupprimer