jeudi 5 mars 2015

         الحسناء الصامتة

خرج من بيته على عجل، لقد تأخر على موعده
حين أدار محرك السيارة , و من خلف زجاجها الأمامي
رأى شرفة المقهى القابعة في آخر الشارع المقابل
لفتت انتباهه فتاة جميلة تحدق في فنجان بين يديها
لجمال كله اجتمع فيها
ظل برهة يقرأ الحزن في محياها و كأنها كانت
تحكي لفنجانها حكاية حزينة
نظر الى ساعة السيارة متسائلا لم تجلس
وحدها في مثل هذا الوقت المتأخر ؟ هز
رأسه ساخرا من نفسه : و ما شأني بها ؟
انطلق بسيارته و صورتها لم تغادر ذهنه
في صبيحة اليوم الموالي و بينما كان يركن
سيارته في مكانها المعتاد سرحت عيناه
لا اراديا تنظران الى شرفة المقهى فتذكرها
دخل المقهى لتناول قهوة الصباح
تفاجأ بها أمامه و قهوتها بيدها و بيد الأخرى
كتبا . نظرت اليه مبتسمة بحياء لتتنحى
جانبا معتذرة بصمت
تابعها بنظراته موبخا نفسه منذ متى و عيناه
تتعلق بالفتيات ؟
شرب قهوته و مضى الى عمله مفكرا بتلك
الحسناء التي أثارت فضوله
و في الغد تقصد الذهاب الى المقهى لعله
يجد تلك الفتاة التي شغلت تفكيره بغموضها
و جمالها . و ما ان دخل حتى أصيب بخيبة
كبيرة .. لم تكن موجودة
تماطل حتى أعطوه طلبه ليخرج و هو لم
ينل مراده
فجأة اصطدم بجسد ضئيل لتنسكب القهوة
الساخنة على صدره . أطلق شتيمة متأوه
و يا لدهشته حين نظر للشخص الذي اصطدم
به كانت واقفة و الأسف باد على وجهها
و بحركة مرتبكة أخرجت منديلا و مدت يدها
لتمسح القهوة المنسكبة على صدره
تناول المنديل منها و تابع المسح . و حين
أرد أن يعيد المنديل اليها , فوجيء بها
تغطي و جهها بكفيها باكية . فقال لها
مطمئنا : لا بأس لم يصبني مكروه
نظرت اليه و دموعها تنحدر بغزارة على
وجنتيها المتوردتين.
أخرجت دفترها الصغير لتكتب بارتباك بعض
الكلمات " آسفة لم أقصد " فعرف أنها
لا تستطيع النطق و كم أسف لذلك
ابتسم لها : لا عليك أنا بخير
مدت يدها نحو قميصه المفتوح حيث بقعة
حمراء . لم يتمالك نفسه , فمنظرها البريء
زاد من اشتعال صدره . اقترب منها ليهمس
في أذنها

لقد أحرقني حبك بنكهة القهوة يا صاحبة الجمال الصامت .

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire