mercredi 11 mars 2015

فوق الجنون
قضى  حياته المهنية كلها يقتص للمظلومين من الظالمين  وكان المجرمون من لصوص  وقتلة ونصابين يحسبونه عدوهم  اللدود  إذا مثلوا أمامه . بعد موته ترك  مفكرة  يحكي فيها  ما قام به  من أفعال لا تصدق .
يقول -  رجعت اليوم من الجلسة  بعد أن أصدرت حكما بالإعدام  في حق  المدعو " الحملاوي". ولكني إلى هذه اللحظة لست مرتاحا  لهذا الحكم الذي نطقت به. أعرف أن الرجل مذنب  ولكن ما يحيرني هو لماذا قتل هذا الرجل أولاده ؟
هذه الحادثة عادت بي إلى  السؤال ( ما معنى الحياة؟ ) ومـــا هذا الشيء الذي يحرك المخلوق؟ انه سر الحركة. فإذا شاءت هذه الإرادة أحدثت حركة ، وإذا شاءت  أحدثت سكونا. هذه الذرة الصغيرة  المتحركة  على الأرض والتي نسميها الحياة ولولاها يعني الفناء  والعدم.
فإذا كان ذلك كما نصوره الآن ، فلماذا  نعد القتل جريمة ؟  بل يجب   أن نعدها قانونا من قوانين الطبيعة.كل إنسان يجب أن يقتل غيره لأجل أن يعيش. أن البهائم والطيور والأسماك تقتل بعضها بعضا لكي تعيش. ثم يأتي الإنسان ليقتلها جميعا كي يعيش. تحت تسميات  الصيد والقنص .
إني أرى أن حب القتل غريزة فينا  لا تشبع. ولا يكفينا قتل البهائم فقط بل تتعداها إلى قتل بني آدم لمثله من البشر أيضا.
ولكن القوانين التي وضعناها اليوم تحرم علينا قتل النفس  وحذرتنا إياه بصارم العقوبة. فنحن نحكم على القاتل بالإعدام  ومع ذلك نثير الحروب والمعارك فنسفك فيها ما نشاء من الدماء. شفاء لغلتنا وإطفاء لظمئنا. ولست أرى الحرب إلا وليمة فاخرة  ومأدبة حافلة دموية.
لقد اشتاقت نفسي للقتل، أولست واحدا من بني البشر؟
سأجرب اليوم هذا الفعل. ولأبدأ من بيتي بالضبط. هذا العصفور في القفص والذي ما انفك يصدعني بتغريده. تعال إلي أيها المخلوق...أمسكته من رقبته وضغطت. تخبط ،حاول الانفلات من قبضتي، وما لبث أن سكن.فتحت يدي فسقط على الأرض هامدا. لقد نجحت في أول مهمة. علي المواصلة، لقد تجاوزت أول عقبة بنجاح. يالها من لذة ...
ضحيتي المقبلة ستكون من بني جلدتي، سأتفنن في القتل وأبحث عن أبشع الوسائل الممكنة. مضت أسابيع وفجأة راودني الحنين إلى القتل. خرجت على متن سيارتي نحو الغابة . هناك سأجد ضالتي بعيدا عن عيون الناس وسأنجز المهمة بإتقان . لم يدم بحثي طويلا، يالحسن حظي...
كان ذلك الرجل متكئا إلى جذع الشجرة وأخذه النعاس، وقفت أمامه فلم يشعر بوجودي. عدت إلى السيارة، أخرجت من صندوقها الخلفي فأسا أخفيتها تحت معطفي . تسللت بين الأشجار إلى أن صرت خلفه تماما، رفعت الفأس وهويت على رأسه بضربة واحدة كانت كافية للقضاء عليه . يا لها من لذة لا تعادلها لذة.
 أقامت الشرطة الدنيا ولم تقعدها بحثا عن الجاني . بعد أسابيع أغلق الملف وسجل ضد مجهول.
لم أعد أنام من كثرة التفكير في كيفية اصطياد فرائسي  ونهمها .الغريزة الكامنة في تدفعني إلى الاجتهاد في الأمر وعدم التكاسل.  لأرتاح ،علي الانتقال إلى الفعل، أي القتل، علي تغذية غريزتي العدائية. في يوم ممطر انسقت لهواي، سلكت طريقا شبه خال من المارة، ركنت سيارتي جانبا وبقيت أترصد كما يترصد الوحش المفتري فريسته. مر الوقت بطيئا، قلت في نفسي وقد انتابني غيظ شديد، أين أنتم أيها البشر.أنا في انتظاركم؟
فجأة سمعت  صوت كعب الحذاء يضرب الأرض  متقدما من الخلف نحو السيارة. مرت تلك المرأة من أمامي لم تعرني اهتماما كانت  تتعجل في سيرها . فتحت باب السيارة وبيدي سكينا ، لحقت بها ، صحت فيها، فاستدارت مذعورة. غمست السكين بصدرها المندفع إلى الوراء وأعدت الكرة مرات ومرات. تركتها في دمها وركبت سيارتي وانطلقت  وأنا أردد –
 يا لها من لذة  لا تضاهيها لذة...
أياما بعد الواقعة، ألقت الشرطة القبض على المتهم . انه زوجها الأول، بينه وبينها خصومة وقضايا  في ا لمحاكم  رأته الشرطة سببا كافيا  لتدفع به إلى حبل المشنقة .
أسندت  إلي القضية . وقف أمامي يرد على الأسئلة. لم أبخل عليه يوم الحكم، شعرت وأنا أحكم عليه بالإعدام  أنني بصدد قتله مرتين  يوم قتلت زوجته واليوم ها أنا أقتله  . ولكن هذه المرة بطريقة" قانونية" .  يـــا لـــها مــن لـــذة لا تــضـــاهيـــها لـــذة.

                                                                               إلى اللقاء...
                                                                                              



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire