samedi 2 mars 2013


لم تـتـفـوه " فاطمة" على امتداد الحوار بين أبويها وزوجها بكلمة بل بقيت مطأطئة رأسها تضمه بين يديها .ولما خرج الرجلان حركت شفتيها كأنها تريد أن تقول شيئا لكن الكلمات أبـت أن تخرج. غير أن ملامح وجهها الجميل كانت توحي في الأخير بأن المرأة اقتنعت بما سمعت.
اقتربت مريم من ابنتها, حاولت ضمها الى صدرها كما كانت تعاملها في الصغر لكن "فاطمة" تنحت الى الوراء قليلا لتقول أخيرا
- دعيني ياأمي أن ما كنت أخشاه حدث. والواقع الآن أسهل مما كنت أتصور. لا داعي الآن للكذب على الناس والتهرب من الحقيقة 
أو الاختفاء وراء الأوهام.
قالت مريم- وما ذنب ابنتي ان هذه الأمور بيد الله .
قالت فاطمة- أنت أمي ولكن الآخرين. ماذا سيقولون عني؟. أنني عاقر لاأصلح الا للطبخ والغسيل. أنني خادمة وكفى.
ان مريم تعلم مدى تأثر ابنتها فلقد عايشت محنة اليأس قبل أن يرزقها الله ب"كمال".خيبة الأمل, الخوف من المستقبل, نظرات الناس.
قالت مريم- دعي عنك وساويس الشيطان وتعالي نحضر العشاء قبل عودة الرجــــــــال.
عمر كمال الآن عشرون سنة وهويتمتع على عكس والده بصحة جيدة وقامة طويلة. أهم شيء تعلمه كمال في صغره هو حفظه لجزء يسير من القرآن الكريم وتدربه على الكتابة والقراءة . ولو تعسف مدير المدرسة الوحيدة بالقرية وطرده لكمال ولكثير من أترابه من الجزائريين لحصل الطفل على شهادة التعليم الابتدائي التي تمكنه من الانتقال اللدراسة بالمدينة.
كانت مريم راضية بسلوك ابنها ولطالما رأت فيه صفات من والدها أيام كان في عز صحته.على عكس عمار الذي لم يكن ليقبل أن يختار ولده الوحيد مهنة غير خدمة الأرض.
- أنت شاب سوي ولست من طينة أولئك الذين يقضون اليوم في شحن وتفريغ العربات على ظهورهم. تقول مريم محاولة اقناع ولدها بالعدول عن رأيه.
-لا يهمني نوع العمل مادام يدر علي المال الذي يقينا جميعا شر الجوع. يرد كمال مطمئنا والدته.
لقد صدق كمال. فانتاج هذا العام من الحبوب كان ضعيفا وأسعار المواد الغذائية ما فتئت ترتفع ولولا مساهمة كمال لأصاب العائلة ما أصاب أسرا كثيرة تضررت بفعل الفياضات تارة والجفاف طورا آخر.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire