lundi 4 mars 2013


لما عاد عمار من الحقل، أخبرته مريم بماجرى وبما دار بينها وبين كمال، فاقترب من ابنه ثم دقق النظر فيه ليقول- أنت الآن رجل، رجل يدرك تمام الادراك مايجب فعله وما لا يجب فعله، ويعي جيدا ما ينفعه وما يضره. لن أمانع. وكل ما أرجوه أن تكون في مستوى ما يتمناه كل أب لابنه. قد لا نلتقي مجددا بعد هذه الليلة، فتذكر دائما أن لك أهل، هم أقرباؤك مهما بعدت المسافة وتذكرأنه  ليست لك أرض غير وطنك. ان ما تسمع عن العيش الرغيد هناك بفرنسا قد يكون مجرد كلام عذب. أضاف عمار.
- انهم بحاجة الى اليد العاملة. وسوف يكون همي الوحيد هناك هو العمل من أجل الرقي بكما الى أفضل معيشة، ان شاء الله.
شعلة قنديل الزيت ترتجف، معلنة للجميع عن نفاذ ما بالوعاء من سائل. لكن ذلك لم يمنع مريم من المكوث قرب ابنها . أحست كأن ينابيع الحزن كلها اجتمعت في ذاتها.
بعد أيام قضاها في جمع الوثائق والتحضير للسفر، رحل كمال ذات صباح مودعا الأهل والجيران . كانت مريم تعرف أن أمام ابنها طريق شاق طويل، فلم تضف وهو يقبلها الا عبارات التمني له بالتوفيق . 
كم سنة مرت اليوم منذ رحيله. ربما أكثر من عشر سنوات.ورغم ذلك فصورة فراقه لم تغادر مريم ولو يوما واحدا.
- لماذا لا تفكرين سوى في أيام المحن، وتنسين ما مر بنا من مسرات؟ سأل عمار ذات يوم زوجته. مضيفا - انظري الى حقلنا، كم هو جميل ، يكسوه الاخضرار، الحب يوشك أن يينع، سوف نحصل على منتوج وفير هذا العام.أقنع عمار مريم بعد جهد بالخروج حيث جلس الاثنان تحت الكرمة فأجالا بصرهما في الحقول الممتدة، المكسوة بسنابل القمح المتوجة برخاوة واسترخاء، المطيعة لأبسط همسة من همسات النسيم الهادئ.أشار عمار الى بعض السنابل- انظري كم هي عامرة بالحب. تذوقي طعم حبات هذه السنبلة مثلا. كم هو لذيذ طعمها. انه طعم الحياة التي تحمله داخل كيانها الينا. هكذا تحول عمار الى رومانسي دون أن يدري وهكذا حاول أن يـنـسـي زوجته بعضا من همومها.../...

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire