اليكم أعزائ رواد هذه المدونة وكما وعدت به
( الجزء الثاني من الرواية " امرأة
من تيـويــرة").
الموسم الزراعي لهذه السنة ردئ للغاية. لقد بخلت السماء بمائها فجفت الأرض
والآبار فأصبحت ملامح القحط بادية حتى على
وجوه الفلاحين .
مر
أسبوع و أسبوعان ثم شهروشهران ولا تغيير طرأ . و لاشئ يبشر بتغير في الجو . أنظار
الناس مشدودة صباحا مساء الى أديم السماء علها تقرأ فيه جديدا لكن لا شئ ينذر
بقدوم المطر. بدأ اليأس يدب في النفوس وأخذت المأونة تقل شيئا فشيئا. فامتلك القرويين
الخوف ولم يعد لهم حديث غير حديث الجوع والعطش .
أخذت
مريم شموعا وبخورا واتجهت بخطوات متثاقلة
نحو ضريح " سيدي الحاج الشريف ". على مقربة من القبرالمغطى بستار حريري أخضر
أوقدت مريم الشموع ثم انحنت تقبل
الثرى باكية . بكت طويلا وأطالت الجلوس وهي تتمتم بين شفتيها متضرعة بأدعية مختلفة
. خيل لها ان سيدها" الحاج الشريف"
يرقب في شفقة حركاتها . بعد أن أشفت غليلها بالنواح
عادت الى البيت وكلها نشاط مرتاحة نفسيا لزيارتها
تلك وفي ظنها أن ما أقدمت عليه سيفرج كربتها بل كرب الناس جميعا. لكن فعلها لم
ينفع فلا تذرع الا لله وحده .عم الجفاف في كل مكان وواصلت الشمس في عز الخريف
سيطرتها المطلقة على الأرض
-
ربما ينزل المطر غدا أو بعد غد.كان عمار يقول كلما سألته زوجته عن تنبؤات الطقس
القادم. وترد مريم متسائلة – وهل مازال أمامنا متسع من الوقت للحرث والبذر؟.
كان الزوجان يتسابقان كل صباح نحو الخارج يتصفحان
وجه السماء علهما يبصران فيه أثرا للغيوم. لكن شيئا لم يحدث. لاشئ يعكر صفو السماء
وسكونها وجمالها.ذلك الجمال القاتل. ومرت الأيام واستمر الاثنان يستفسران السماء
كل يوم لكن عمار لم يعد يقول كلمته- ربما-هل يئس المسكين؟. غير أن مريم كانت تقرأ
في عينيه بريقا ولو خافتا لأمل يرفض أن يندثر رغم الأيام العجاف. مستوى معدل الماء
ينخفض كل يوم ومعه يصغر عرض الجدول الذي يستقي منه البشر والحيوان الى أن تحول الى
ما يشبه الخيط ينساب في تهاون وكأنه متعب
من ثقل السنين وقســاوة الطبيعة التي لم تعد ترحم كبيرا أو صغيرا
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire