mardi 30 avril 2013


تلخيص قصة الشيخ والبحر- كريمة ابراهيمي         
               
إرنست همنغواي ولد عام 1899 وتوفي منتحرا عام 1961 ببندقيته رفيقة دربه التي حصل عليها هدية من والده عام 1909....

بطل الرواية هو شيخ عجوز اسمه سانتياغو ولديه فترة طويلة من الحظ السيء في صيده في البحر، لم يتمكن الشيخ خلال أربعة وثمانون يوما من اصطياد سمكة واحدة، وكان هناك صبي صغير يحب الشيخ والشيخ يحبه كثيرا اسمه (مانولين) وسر تعلق الولد بالشيخ أنه أول من علمه الصيد.وفي الرواية يرمز مانولين إلى الروح الإنسانية المتجددة بالإيمان بشيء ما...
بعد مرافقة مانولين للشيخ لأكثر من أربعين يوم منعه والداه من الاستمرار بالذهاب معه لأنه شيخ "سيء الحظ" كما يعتبره الجميع وقرر والداه ان يرسلاه برفقة صيادين آخرين، وفعلا استطاع الصيادون الصيد من أول يوم.

ذهب الشيخ العجوز الكوبي وحيدا إلى خليج كوبا /هافانا بقاربه الصغير، في وقت الظهيرة اصطاد مذهولا سمكة عملاقة، كانت مقاومة شرسة في عرض البحر ، لم يستطع نقلها في المركب وبقي وحيدا يقاومها وتقاومه لثلاث أيام و ليال فتتأرجح به وبقاربه وبجروحه الدامية  ذهابا وإيابا لعرض البحر ، في اليوم الثالث وبعد أن أُنهِك و شعر أن السمكة أيضا أُنهِكت استجمع قواه وقام بطعنها بسكين في قلبها وربطها إلى جانب المركب وبدأ رحلة العودة.
مع الدم النازف أتت أسماك القرش تتلمس الرائحة، فبدأ فصل جديد من المقاومة والتعب عند الشيخ حاول إبعادها عن غنيمته بضربها ولكن دون فائدة ، كانت كل واحدة تقترب من السمكة الموثقة بجانب القارب تلتهم قضمة كبيرة منها فلا يملك الشيخ سوى أن يدافع عن صيده فطعنها لتهوي إلى قاع البحر وقطعة اللحم في فمها  فيأتي دور غيرها وهكذا .
عندما وصل الشيخ المنهك الخائر القوى إلى الميناء مساء كان كل ما تبقى من السمكة الموثقة بالقارب هو (الرأس والهيكل والذيل) ، أرسى مركبته وكان بائسا ومنهكا، في الصباح حضر الصيادون و مانولين ليروا الصيد الكبير وليشاهدوا ضخامة السمكة التي اصطادها الشيخ فبكى الصبي وبكى وبكى ، ومع كل هذا بقيت عنده قناعة وإيمان بأنه سيرافق الشيخ حين يغادر للصيد ثانية لأنه يؤمن بأنه رجل ماهر وسوف يجلب له الحظ ويتعلم منه الكثير، أما الشيخ فبعد أن أوى إلى كوخه ليرتاح فكر بطريقة ذوي الروح المنتصرة وأنه استطاع أن يهزم السمكة العملاقة كما تصدى بكل قوة لسمك القرش لذلك لا بد وأن يعود للبحر...
تنبيـــه
بالمناسبة هذه القصة تعتبر من روائع ما كتب همنجواي وحصل بسببها على جائزة نوبل للأدب وجائزة بوليتزر الأمريكية للقصة الحديثة ولطالما شبه الكثيرون همنغواي ببطل القصة العجوز وقيل انها جاءت رمزية لحياة كاتبها الذي تقلبت به الدنيا من محارب في الجيش الأمريكي لينتهي كمنعزل عن الدنيا في غابات افريقا وشواطيء كوبا المتطرفة. هي قصة فيها مفارقة ملفتة فهي (ملأى بالواقعية ووصف البحر والسمك ونفسية العجوز وفي ذات الوقت رمزية لاقصى حد) ترمز لصراع الإنسان الأزلي مع الطبيعة ومع القوى المحيطة به فما أن ينتهي من صراع حتى يدخل في صراع آخر والغلبة للروح في النهاية ..


فى أحد المستشفيات كان هناك مريضان فى غرفة واحدة .  أحدهما كان مسموحاً له بالجلوس فى سريره لمدة ساعة يومياً بعد العصر . ولحسن حظه فقد كان سريره بجانب النافذة الوحيدة فى الغرفة . أما الأخر فكان عليه أن يبقى مستقلياً على ظهره ناظراً إلى السقف .
تحدثا عن أهليهما ، وعن بيتيهما ، وعن حالتهما ، وعن كل شئ .. وفى كل يوم بعد العصر ، كان الأول يجلس فى سريره حسب أوامر الطبيب ، وينظر فى النافذة ، ويصف لصاحبه العالم الخارجى . وكان الآخر ينتظر هذه الساعة كما ينتظرها الأول ، لأنها تجعل حياته مفعمة بالحيوية وهو يستمع لوصف صاحبه للحياة فى الخارج ، ففى الحديقة كان هناك بحيرة كبيرة يسبح فيها البط . والأولاد صنعوا زوارق من مواد مختلفة وأخذوا يلعبون بها داخل الماء . وهناك رجل يؤجر المراكب الصغيرة للناس يبحرون بها فى البحيرة . والجميع يتمشى حول حافة البحيرة . وهناك أخرون جلسوا فى ظلال الأشجار أو بجانب الزهور ذات الألوان الجذابة . ومنظر السماء كان بديعاً يسر الناظرين .. وفيما يقوم الأول  بالوصف 
. ينصت الآخر فى ذهول لهذا الوصف الدقيق الرائع . ثم يغمض عينيه ويبدأ فى تصور ذلك المنظر البديع للحياة خارج المستشفى وفى أحد الأيام وصف له عرضاً عسكرياً .. ورغم أنه لم يسمع عزف الفرقة الموسيقية إلا أنه كان يراها بعينى عقله من خلال وصف صاحبه لها.
ومرت الأيام والأسابيع وكل منهما سعيد بصاحبه . وفى أحد الأيام جاءت الممرضة صباحاً لخدمتهما كعادتها ، فوجدت المريض الذى بجانب النافذة قد توفى خلال الليل . ولم يعلم الآخر بوفاته إلا من خلال حديث الممرضة عبر الهاتف وهى تطلب المساعدة لإخراجه من الغرفة . فحزن على صاحبه أشد الحزن . وعندما وجد الفرصة مناسبة طلب من الممرضة أن تنقل سريره إلى جانب النافذة . ولما لم يكن هناك مانع فقد استجابت لطلبه . ولما حانت ساعة بعد العصر وتذكر الحديث الشيق الذى كان يتحفه به صاحبه انتحب لفقده .وقرر أن يحاول الجلوس ليعوض ما فاته فى هذه الساعة . وتحامل على نفسه وهويتألم ، ورفع رأسه رويداً مستعيناً بذراعيه ، ثم اتكأ على أحد مرفقيه وأدار وجهه ببطء شديد تجاه النافذة ليرى بعينيه العالم الخارجى . وهنا كانت المفاجأة !!
لم ير أمامه إلا جداراُ أصم من جدران المستشفى ، فقد كانت النافذة على ساحة داخلية تطل على جدار عال .
فنادى الممرضة وسألها إن كانت هذه هى النافذة التى كان صاحبه ينظر من خلالها ، فأجابت إنها هى !! فالغرفة ليس فيها سوى نافذة واحدة . ثم سألته عن سبب تعجبه ، فقص عليها ما كان يرى صاحبه عبر النافذة وما كان يصفه له . كان تعجب الممرضة أكبر ، إذ قالت له : ولكن المتوفى كان أعمى ، ولم يكن ير حتى هذا الجدار الأصم ..!!! ولعله أراد أن يجعل حياتك سعيدة حتى لاتصاب باليأس فتتمنى الموت ... 

   ومرت الأيام  ونفذ احتياط الأسـرة من الدقيق ولم يبق من مدخرات المال سوى رصيد قليل من النقود. وضاقت الدنيا بما وسعت في عيون الناس المغلوبين.
قال عمار في صوت مختنق – لم يبق الا بيع البغلين.فلا داعي للأحتفاظ بهما مادمنا لا نحتاج الى خدمتهما.انهما لا يزيداننا الا عبئا في اعلافهما.
وقالت مريم مدعمة رأيه – خذ فستاني أيضا. انه لا يزال في حالة جيدة.
وناولته الفستان الأحمر الذي اشترته من أجرة كمال حين كان عاملا بالطاحونة .
وتذكر عمار في تلك اللحظة ابنه كمال فصاح مغتاظا - كيف له أن يتركنا على هذه الحال وهو هناك ينعم بما لذ وطاب؟
كل أبناء القرية المهاجرين يبعثون لذويهم مبالغ من المال الا ابنك كمال..
-                                 -  المهم أن يكون بخير فأنا قلقة عليه. مرت سنوات ولم يصلنا منه خبر .
-                                 - أنت دائما هكذا تدافعين عنه. أضاف عمار. ثم أعاد لها الفستان وخرج  في غيظ شديد.
واستمر هاجس الجوع يخيم على المنطقة وواصل السكان مجابهته بما أوتوا من قوة واضطر البعض الى المغادرة نحو المدن القريبة هربا من تقلبات الدهر وقساوة الطبيعة. فمنهم من امتهن التسول وسيلة للرزق ومنهم من راح يبحث في القمامة عن شيء قد يصلح يبعه .
قال عمار ذات ليلة وهو يمد ظهر جسده النحيف الى حائط البيت
-                                 -لابد من فعل شيء. علي أن أبحث عن شغل . سأطلب من أحد المعمرين أن يشغلني راعيا لمواشيه.
-                                 فردت مريم – كيف يمكن لرجل في مثل سنك أن يفوز بعمل وأنت ترى الشباب يجوبون القرى والمدن بحثا عن عمل دون جدوى.
-                                 فصاح عمار في وجه زوجته – وهل من حل آخر؟ هل تظنيـنـني أعمى؟ أم مغفلا؟
كانت مريم تعلم أن هذا اللوم ليس موجها لها بالذات بقدر ما هو موجه الى ذلك الحل الصعب الذي أرغمت الأسرة على اختياره مكرهة. ولم تتمالك نفسها كعادتها ولم تتحكم في دموعها المنهالة على خدي وجهها الشاحب. قالت وهي تمسح عينيها المحمرتين
-حاول البحث عن شغل يليق بقدراتك كحارس مثلا باحدى المزارع التابعة للفرنسـيـين.
- حسنا. حسنا . سأفعل. المهم أن تكفي عن النواح.اني لم أعد أطيق رؤِيتك كل يوم هكذا. أضاف عمار.
مسحت مريم دموعها في صمت. كانت تدرك أن زوجها قلق أكثر منها ولذلك فهو لا يعي ما يقول. وتاهت بها مخيلتها بعيدا. استحضرت الماضي بأفراحه وأقراحه.استفسرت المستقبل وما يحمله من مفــاجـــآت.
ونامـت تلك الليلة نوما مضطربا. رأت في المنام ابنها كمال يلوح لها بيديه  ويحاول الاقتراب منها لكن الريح تدفع به الى الوراء.
رأت ابنتها فاطمة تغسل ثوبا أبيض ناصعا ثم ترمي به الى الأرض. رأت أشياء كثيرة يصعب تذكرها في اليقظة.

lundi 29 avril 2013


     حل الصيف فخيل للناس أن الفصل لم يغادر المكان منذ سنين.. وحان وقت الحصاد ولكن عن أي حصاد يتحدثون؟ لا شيء يمكن للفلاحين جمعه. الزرع الذي أخذ من عمار كل وقته والذي من أجله بذل الكثير هاهو الآن مسجى أمامه في ركام باهت.
ما العمل؟
هل يفرط في عائلته الصغيرة؟ هل يدع زوجته تموت جوعا؟
لا طبعا. ولذلك لا بد أن يتحرك وبسرعة. ولكن في أي اتجاه؟
لمن يلجأ هذه المرة وكل شبر من أرض المنطقة يئن تحت أقدام القحط.
أين المفر والكل مهدد أينما اتجهت بالمجاعة؟
منذ أعوام خلت كان عمار يلجأ الى مدخراته من الحبوب لسد الحاجة أما اليوم فلا شيء على الاطلاق.
ليس أمام عمار حل غير بيع متاع الأسرة من لباس وأثاث مقابل شراء بعض من القمح من مزارع  بعض المعمرين أو من الباعة القادمين من مناطق بعيدة . كما جرى في سنوات خلت عندما أرغم عمار على شراء كيسين من الحبوب بأضعاف ثمنها من الحاج رابح صاحب الطاحونة التقليدية آنذاك.
صينيتان من نحاس. بعض الأواني الفخارية. الصندوق الخشبي الذي حملته مريم معها يوم زفافها.وقميص كمال الذي نسي أن يأخذه عند السفر. – لا. خذ كل شيء الاقميص ابني لا تبعه لازلت أشم فيه رائحة كمال فلا تحرمني منها.

فرد عمار- كل هذه الأشياء يمكننا استخلافها.الا الأرض فهي ضمان وجودنا وبقائنا.بدون الأرض سوف نقضي ما تبقى من العمر في التشرد والتسكع مثل ابن آوى الباحث عن لقمة قد لا يجدها. 
وكـــان لعمار ما أراد ....


  جرت العادة كما في كثير من القرى والأرياف أن تقام الطقوس كلما حل بالأرض الجفاف. ولم يشذ السكان عن القاعدة وعن التقاليد التي ورثوها أبا عن جد.
جمعوا ما استطاعوا جمعه من كسكس ولحم وأقاموا وليمة كبيرة بالقرب من ضريح "سيدي محمد الشريف" تعالت فيها الابتهالات والأدعية لله بالغيث .
   فأكل الناس وشربوا على وقع صراخ الأطفال وزغاريد النسوة فنســوا ولو لوقت وجيز بعضا من همومهم وآلامهم.
 ذات ليلة دوى في السماء رعد فخرج الناس من بيوتهم غير مصدقين ما سمعوا فرأوا ما بعث في نفوسهم الفرحة. في السماء سحب كثيفة  سوداء استبشروا بها خيرا وناموا ليلتهم تلك على وقع  وميض البرق  وهطول المطر.في صباح اليوم الموالي استيقظ الناس على غير عادتهم  مهللين ومكبرين  . لقد لاحت في الأفق أخيرا بوادر فصل الشتاء. لكن بعد ماذا؟
 لقد فات الأوان فكميات المطر لم تعد كافية  لاعادة الروح الى الأرض الميتة.
المهم عودة المطر وجريان الجداول. قال عمارراضيا مبتهجا.
- أفضل من لا شيء     . المهم أن تستمر الحياة كان جواب مريم للمتشائمات من جاراتها.  فصل الربيع الآن على الأبواب   . توزع الناس على الحقول  يسعون جاهدين في جمع ما وجدوا من نبات   عهدوا استغلاله في تحضير الطعام  اليومي.أكلات ورثوا طهيها  عن الأولين لاتصلح الا عند الشدة وضيق العيش.

dimanche 28 avril 2013


                                           اليكم أعزائ رواد هذه المدونة وكما وعدت به    


                                                  ( الجزء الثاني من الرواية " امرأة من تيـويــرة").

   الموسم الزراعي لهذه السنة  ردئ للغاية. لقد بخلت السماء بمائها فجفت الأرض والآبار  فأصبحت ملامح القحط بادية حتى على وجوه الفلاحين .
مر أسبوع و أسبوعان ثم شهروشهران ولا تغيير طرأ . و لاشئ يبشر بتغير في الجو . أنظار الناس مشدودة صباحا مساء الى أديم السماء علها تقرأ فيه جديدا لكن لا شئ ينذر بقدوم المطر. بدأ اليأس يدب في النفوس وأخذت المأونة تقل شيئا فشيئا. فامتلك القرويين الخوف ولم يعد لهم حديث غير حديث الجوع والعطش .
أخذت مريم  شموعا وبخورا واتجهت بخطوات متثاقلة نحو ضريح " سيدي الحاج الشريف ". على مقربة من القبرالمغطى بستار حريري أخضر أوقدت مريم الشموع  ثم انحنت تقبل الثرى باكية . بكت طويلا وأطالت الجلوس وهي تتمتم بين شفتيها متضرعة بأدعية مختلفة . خيل لها ان سيدها" الحاج الشريف"
يرقب  في شفقة حركاتها . بعد أن أشفت غليلها بالنواح عادت الى البيت وكلها نشاط مرتاحة نفسيا  لزيارتها تلك وفي ظنها أن ما أقدمت عليه سيفرج كربتها بل كرب الناس جميعا. لكن فعلها لم ينفع فلا تذرع الا لله وحده .عم الجفاف في كل مكان وواصلت الشمس في عز الخريف سيطرتها المطلقة على الأرض  
- ربما ينزل المطر غدا أو بعد غد.كان عمار يقول كلما سألته زوجته عن تنبؤات الطقس القادم. وترد مريم متسائلة – وهل مازال أمامنا متسع من الوقت للحرث والبذر؟.
كان الزوجان يتسابقان كل صباح نحو الخارج يتصفحان وجه السماء علهما يبصران فيه أثرا للغيوم. لكن شيئا لم يحدث. لاشئ يعكر صفو السماء وسكونها وجمالها.ذلك الجمال القاتل. ومرت الأيام واستمر الاثنان يستفسران السماء كل يوم لكن عمار لم يعد يقول كلمته- ربما-هل يئس المسكين؟. غير أن مريم كانت تقرأ في عينيه بريقا ولو خافتا لأمل يرفض أن يندثر رغم الأيام العجاف. مستوى معدل الماء ينخفض كل يوم ومعه يصغر عرض الجدول الذي يستقي منه البشر والحيوان الى أن تحول الى ما يشبه  الخيط ينساب في تهاون وكأنه متعب من ثقل السنين وقســاوة الطبيعة التي لم تعد ترحم كبيرا أو صغيرا