كان على الزوجين الحائرين في أمرهما التائهين والغارقين في مخاوف
الفضيحة والإذلال ومن دخول السجن البحث عن
حل للمعضلة وبأقصى سرعة ممكنة . عادا إلى المدينة بعد أن فقدا الأمل في العثور على
الحزام ، دخلا شقتهما متخفيين وراحا
يراجعان كافة الخيارات .
قال حسين – علينا شراء حزام للسيدة يشمل كل مواصفات الحزام الذي ضاع منك .
قالت صفية – هل تمزح ؟ من أين لنا بكل المال ؟
رد حسين – نبيع كل ما نملك . وعلينا الاستدانة من الأهل والأقارب .
سألت صفية – وهل يملك الأهل كل ذلك المال، أنا أدرى بحالهم.
أردف حسين – كما علينا الاقتراض من البنك أيضا حتى ولو كلفنا ذلك دفع فوائد إضافية
وإذا لم نفعل فاعلمي أنك ستدخلين السجن بتهمة خيانة الأمانة. قبلت صفية
مقترح زوجها، وبعد أيام جمعا ما استطاعا جمعه من مال الأقارب وحصل حسين على قرض من
البنك بفوائد باهظة. فاشتريا حزاما بنفس الشكل والمواصفات وأعادته صفية للسيدة الثرية التي لم تشك لحظة
في الحزام فحمدت الله على أن هداها وزوجها
الى الكيفية المثلى والى الطريق السوي.
لكن ثقل الديون وما انجر عن القرض من فوائد ما انفكت تتضاعف شهرا بعد شهر
أثقل كاهل الزوجين . فقرر حسين ترك الشقة
وتنقل مع زوجته للعيش بغرفة حقيرة بحي قصديري هش. واضطرت صفية للخروج للعمل خادمة بأحد
البيوت. أما حسين فكان يعمل بالنهار نادلا بالمقهى وحارسا بورشة للبناء بالليل.
وظلا على هذه الحال مدة عشر سنوات ذاقا
خلالها مرارة العيش بكل أوصافه. ماتت خلالها أحلام الطفولة والشباب وضاع فيها طموح
خريجي الجامعة وتلاشى واندثر.
ذات يوم ذهبت صفية للسوق لشراء ما تحتاجه سيدتها من خضر فلمحت عيناها
جارتها القديمة السيدة الثرية فحاولت تجاهلها
مبتعدة عن طريقها لكن السيدة أبصرت صفية فلحقت بها لتسألها، بعد تردد – هل أنت صفية ؟
ردت صفية بنعم . فتعجبت السيدة لما
آل إليه حال صفية وسألتها – لكنك تبدين نحيلة ، ما هذا الثياب الرث؟ وما هذا الفقر
المدقع الذي تعيشينه ؟، ماذا جرى ؟ أين ذهب
ذلك الجمال وتلك الأناقة ؟ ولماذا اختفيت وزوجك فجأة ؟
تنهدت صفية ثم سألت السيدة – أتذكرين يا سيدتي ذلك الحزام الذهبي الذي
استعرته منك ذات مرة ؟ لقد ضاع مني في ذلك الحفل بالذات فاضطررنا للاقتراض بفوائد
ربوية كي نتمكن من شراء حزام جديد لك .
وما زلنا إلى اليوم نسدد الديون التي على عاتقنا.
صاحت السيدة على الفور – لا حول
ولا قوة إلا بالله، لماذا لم تخبريني ، لقد كان عقدا مقلدا لا يساوي بضع دينارات.......